حوار صحفي حول كتاب المشروع الوطني الفلسطيني من استراتيجية التحرير إلى متاهات الانقسام

7 أغسطس 2018آخر تحديث :

حوار مع الدكتور إبراهيم أبراش حول كتابه الجديد المشروع الوطني الفلسطيني(من إستراتجية التحرير إلي متاهات الانقسام)

حاوره الصحفي محمد البريم-

حدثنا عنك وعن محاولاتك في الكتابة ؟

يعود اهتمامي بالكتابة لعاملين : الأول شغفي بالقراءة منذ الصغر حيث كنت مولعا بالروايات والقصص ومنها انتقلت لقراءة الكتب الفلسفية والتاريخية والسياسية،ودائما القراءة الموسعة تنمي الفكر والعقل وتشجع القارئ الشغوف على محاولة الكتابة أو التعبير عن رأي فيما قرأ ،أما العامل الثاني فهو دخولي كلية الحقوق قسم العلوم السياسية في الرباط في المغرب ،حيث كان تخصصي في البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية ،وكان مطلوب منا خلال هذه المراحل الدراسية كتابة أوراق بحثية وبحوث موسعة بالإضافة إلى الرسائل الجامعية.

ومع ذلك فالقراءة والتخصص لوحدهما لا يصنعان كاتبا سياسيا إن لم تكن إرادة عند الشخص ليكون كاتبا ،فكثير من حملة الدكتوراه في مختلف التخصصات لم يكتبوا شيئا بعد رسالة الدكتوراه ولم يقرؤوا شيئا بعد ما قرأوه أثناء إعداد الدكتوراه .وهكذا فقد كتبت مقالات وبحوث قبل حصولي على شهادة الدكتوراه ، كتبت مقالات وأنا طالب ماجستير وأول بحث موسع كتبته كان عام 1984 ونشرته مجلة المستقبل العربي التي تصدر في بيروت .وما بعد حصولي على الدكتوراه عام 1985 توالت المقالات والبحوث والكتب .حيث كانت مقالاتي تنشر في الصحف المغربية ،والعربية كالشرق الأوسط والحياة والقدس العربي التي تصدر في لندن ،والقبس الدولي الكويتية وغيرها ، وتم نشر أبحاثي ودراساتي في عديد المجلات والدوريات العربية المتخصصة والمحكمة كمجلة العلوم الاجتماعية التي تصدرها جامعة الكويت ومجلة المستقبل العربي في بيروت ومجلتا دراسات فلسطينية و شؤون فلسطينية في بيروت أيضا ومجلة السياسية الدولية المصرية وغيرها، أما الكتب فقد صدر في كل من المغرب ولبنان والأردن وفلسطين.

ماذا يعني لك الكتاب ؟

كقارئ، الكتاب غذاء فكري ومصدر رئيس للتثقيف والمعرفة ،فمن يقرا كتابا وخصوصا للكُتاب الجادين ، يستمتع بالأسلوب واللغة كما يستمتع بالمعلومة والفكرة، ولو نظرنا إلى المعرفة الإنسانية في كل المجالات لوجدنا أن غالبتها جاءتنا عبر الكتب وهي اليوم مدونة في كتب .أما ككاتب فالكتاب بالنسبة لي مجال لتوصيل الأفكار والتعبير عما يختمر في تفكيري ،كما هو مساهمة في توثيق معارفي وتجاربي وتوصيلها للغير سواء كانوا طلبة أو ناس عاديين ،أيضا الكتاب مساهمة في نشر وتعزيز الثقافة والهوية الوطنية .وبالتالي نحن مدينون للكتاب بكل مشاربهم وتخصصاتهم الإبداعية ، في كل ما نكلك من معرفة وثقافة . ومع الثورة التقنية أصبح مفهوم الكتاب يشمل الكتاب الالكتروني،وبالنسبة لي استمتع بقراءة الكتاب الورقي أكثر من الكتاب الالكتروني ،مع أن بعض كتبي منشورة الكترونيا.

هل تتابع القراءة عبر الانترنت أم عبر الكتاب وأيهما تفضل؟للانترنيت وظيفة وللكتاب وظيفة ،فإن أردت قراءة كتاب ما أبحث عنه ورقيا وإن لم أجده اضطر للبحث عنه الكترونيا وقراءته بهذه الطريقة ،ولكن الانترنيت مفيد لمتابعة الأخبار والأحداث العاجلة والآنية والبحث عن المعلومات العامة،وفي الانترنيت تنوع ففيه يمكن متابعة وقراءة قضايا سياسية وأدبية وصحية وثقافية واقتصادية ،أما الكتاب فيكون متخصصا في موضوع واحد. وللأسف تتراجع مكانة وحضور الكتاب الورقي لصالح المواقع الالكترونية والفضائيات ،وهذا ما نلمسه من خلال أزمة الكتاب والطباعة والنشر وخصوصا في العالم العربي،حيث يجد الكُتاب صعوبة في نشر كتبهم لأن دور النشر تجد صعوبة في بيع الكتب،فهناك عزوف عن القراءة.

كم كتاب ألفت حتى الآن ؟

كان كتابي الأول يحمل عنوان ( البعد القومي للقضية الفلسطينية :فلسطين بين القومية العربية والوطنية الفلسطينية) وصدر عن مركز دراسات الوحدة العربية عام 1987 وهو بالأصل رسالة الدكتوراه،وآخر كتاب صدر هذا العام عن دار الجندي بعنوان ( المشروع الوطني الفلسطيني من إستراتيجية التحرير إلى متاهات الانقسام )،وما بينهما صدر لي حوالي خمسة عشر كتابا ما بين أكاديمية ،منها : أصول الفكر السياسي ، المنهج العلمي وتطبيقاته في العلوم الاجتماعية ، علم الاجتماع السياسي ،وكتب سياسية منها :البعد القومي للقضية الفلسطينية ، فلسطين في عالم متغير، الديمقراطية بين عالمية الفكرة وخصوصية التطبيق ، الجهاد شرعية المبدأ والتباس الممارسة الخ.

ما سبب اختيار هذا العنوان لكتابك الجديد وهل وجدت صعوبة في اختياره ؟

في الواقع ترددت كثيرا في اختيار العنوان ،في البداية وضعت له عنوان ( المشروع الوطني: التباسات التأسيس وتحديات التطبيق) ثم بدلته لعنوان: ( المشروع الوطني والبحث عن الدولة) لأن الجزء الأول يتحدث عن الدولة الفلسطينية ،وأخيرا استقر الأمر على العنوان الحالي ( المشروع الوطني الفلسطيني من إستراتيجية التحرير إلى متاهات الانقسام ). واختياري لهذا العنوان مرتبط بحالة الانقسام التي يعيشها ليس فقط النظام السياسي بل الشعب بكامله ،وتداعيات هذا الانقسام على القضية الفلسطينية وعلى المشروع الوطني وخصوصا من حيث تدمير الانقسام للمشروع الوطني كمشروع تحرر وطني ،فبعد أن كان الشعب كل الشعب موحدا تحت راية إستراتيجية التحرير،أصبح تائها بين فتح وحماس وبين أجندة خارجية متعددة.

ما هو الدافع لديك لإصدار كتاب المشروع الوطني الفلسطيني(من إستراتجية التحرير إلي متاهات الانقسام)؟

منذ سنوات وأنا مهتم ومهموم بالمشروع الوطني كمشروع تحرر من الاحتلال،وكنت ألاحظ وأتابع حالة التراجع المتواصلة لهذا المشروع سواء من حيث أهدافه أو أدواته التنفيذية وخصوصا منظمة التحرير والأحزاب السياسية ،وألاحظ بخوف وقلق المؤامرات التي تحاك على هذا المشروع سواء من إسرائيل التي تشكل نقيضا وجوديا لفلسطين وبالتالي للمشروع الوطني التحرري ،أو من طرف الإسلام السياسي وخصوصا حركة حماس التي ظهرت من خارج إطار العمل الوطني وطرحت نفسها كبديل لمنظمة التحرير وللمشروع الوطني و تقدم نفسها كمشروع إسلامي وكامتداد لجماعة الإخوان المسلمين،أيضا كنت ألاحظ المفاعيل المدمرة للتسوية والمفاوضات على المشروع الوطني وكيفت انقلبت السلطة الفلسطينية على المشروع الوطني.

وهكذا خلال عشرة سنوات تقريبا وأنا اكتب وأتحدث عن المشروع الوطني وضرورة استنهاضه وحمايته من الأخطار المحيطة بها ،حتى اخذ عليَّ بعض الأصدقاء كثرة الكتابة والحديث عن المشروع الوطني الذي مات وانتهى في نظرهم . ومع إدراكي لوصول المشروع الوطني بشقيه المقاوم والسلمي لطريق مسدود ورؤيتي أن دولة غزة ستقوم على أنقاض المشروع الوطني ،وأن الضفة سائرة نحو سيطرة إسرائيلية كاملة،إلا أنني مستمر في الدفاع عن المشروع الوطني ومؤمن أن خلاص الشعب الفلسطيني لن يكون إلا من خلال مشروع وطني مستقل ،قد لا يتحقق الأمر في جيلنا ولكنه سيتحقق على يد الأجيال القادمة ،لأنني مؤمن أيضا أن إسرائيل في مأزق ولا بد وان تعترف في النهاية بالحقوق الوطنية السياسية للفلسطينيين،فالشعب الفلسطيني الذي عمره أكثر من أربعة آلاف سنة وتعداده حوالي 11 مليون نسمة ،هذا الشعب لا يمكن أن ينتهي ولا بد أن ينتصر.

هل شعرت أن المواقع الاجتماعية مثل تويتر وفيسبوك، عملت كمشتت لك، وأخرت إنهاء الكتاب؟ وكيف تعاملت معها؟

بشكل عام يجب أن لا نُحمِل المواقع الالكترونية وكل انجازات الثورة التقنية المسؤولية عن أي أخطاء أو انحرافات سياسية أو اجتماعية ،فهذه أدوات متاحة للجميع والأمر يعود لمن يستعملها،فإن أراد استعمالها لتطوير معارفه وقدراته فهذا متاح ،ومن يريد ان يستعملها للتسلية والبحث عن الأمور غير الأخلاقية وكل ما يُضيِّع الوقت فهذا متاح أيضا.وبالنسبة لي أنا غير مدمن على هذه المواقع لأنني ما زلت من عشاق الكتب والإذاعة ،ومع ذلك أتعامل مع الانترنيت لساعة أو ساعتين يوميا لمتابعة أخطر الأحداث والمؤتمرات ،أو للبحث عن معلومات لا توفرها الكتب والمجلات المتاحة ،وللتواصل أحيانا مع العائلة والأصدقاء،أيضا لإرسال مقالاتي وأبحاثي وكتبي للمواقع ودور النشر .وقد أفادني الانترنت كثيرا في عملي وفي تأليف كتابي حيث رجعت إليه كثيرا للحصول على معلومة أو تاريخ أو التأكد منهما.

هل كنت تعمل على كتابة الكتاب كل يوم؟ أو ما هي طريقة عملك؟

أنا دائم القراءة والكتابة واقضي فيهما كل يوم أكثر من عشر ساعات ،وعادة اكتب مقالات ومواضيع مترابطة وتخص نفس القضية ،ثم أقوم بتجميعها وتنسيقها وأضيف إليها كل يوم فكرة أو جزءا لم أتطرق إليه سابقا .وقد استغرق مني الكتاب الأخير حوالي عامين،بينما كتبي الأولى التي كنت اكتبها بخط اليد قبل استعمالي للكمبيوتر فكان الكتاب يستغرق حوالي خمس سنوات.

ما هو أصعب شيء واجهته في تأليف الكتاب؟

بالنسبة للكتب التي ألفتها في غزة أكثر الصعوبات تكمن في القواطع والأمور المشتتة للفكر كانقطاع الكهرباء والتوتر النفسي وقلة المراجع الأصيلة،أما الصعوبات الأخرى فتكمن في صعوبة الالتزام بالموضوعية ،فكلما حاولت أن أكون موضوعيا ومحايدا في الكتابة بحيث لا أقع في دائرة الاتهام بأنني أعرض بحماس وأتجنى عليها ،أو أعرض بالأحزاب السياسية وأتجنى عليها ،بالرغم من هذه المحاولات أجدني منساقا للدفاع عن الوطنية الفلسطينية لأنني غير متصالح مع الإسلام السياسي ولا مع التحليل الطبقي والفكر الشيوعي .ومع ذلك أعطيت كل ذي حق حقه بحيث نوهت بكل من عمل من أجل فلسطين والمشروع الوطني وانتقدت كل من أساء لهما .وما يطمئنني أنني التزمت بمنهجية علمية في الكتابة ،ولكن بشكل عام لا بد أن يجد الكاتب السياسي نقاد ومعارضين بقدر ما سيجد مؤيدين .

لماذا اخترت دار الجندي للنشر رغم وجود العديد من دور النشر بقطاع غزة؟

غالبية كتبي تم نشرها خارج فلسطين،وعندما عدت لفلسطين حاولت أن انشر كتبي الجديدة أو أعيد نشر القديم منها في فلسطين حتى يستفيد منها شعبنا المحاصر ،وبالفعل نشرت بعض الكتب في فلسطين مثل كتاب ( فلسطين في عالم متغير ) وكتاب ( المجتمع الفلسطيني: التطور التاريخي والبناء المؤسساتي) وكتاب صغير بعنوان ( فلسطين والشرعية الدولية ) إلا أن توزيع هذه الكتب بقي محدودا ومحصورا في الضفة وغزة وبعضها في قطاع غزة فقط .نشر الكتب في فلسطين يواجه بصعوبات أهمها ضعف التسويق وصعوبة انتقال الكتاب إلى الخارج بل وصعوبة انتقاله أحيانا من الضفة وغزة وبالعكس، بالإضافة إلى حذر وتردد دور النشر في قطاع غزة بنشر كتب سياسية تلمس فيها انتقادا لحركة حماس وحكومتها.

وللأسف بعض مؤسسات المجتمع المدني لديها مصادر تمويل وإمكانيات لنشر كتب على نفقتها وتدفع حقوقا للمؤلف ،ولكن هذه المؤسسات تسودها الزبونية والفساد حيث لا تنشر على أساس الجودة وما يخدم الحالة الوطنية بل تنشر للأصدقاء والمقربين ولأصحاب السلطة والنفوذ، مع مساومات على تقاسم حقوق التأليف مع المؤلف.

اختياري لدار الجندي يعود لأنها أثبتت حضورها ومصداقيتها في ميدان الطباعة والنشر في فلسطين وخارجها ،حيث يتم توزيع منشوراتها في العالم العربي وخارجه ،وهذا أمر يُسعد كل كاتب . كما أن وفلسفتها في النشر لا تخضع للزبونية والعلاقات الشخصية بل للجودة والتميز.

كلمة أخيرة ترغب بقولها لدار الجندي للنشر ؟

أشكر دار النشر على دورها المتميز في نشر المعرفة في فلسطين وفتح أبوابها أمام الكتاب لينشروا نتاجهم وإبداعاتهم بدون رقابة .وأتمنى لدار الجندي كل توفيق ونجاح

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق