مع تأكيدنا على صمود أهل غزة وتمسكهم بالأرض وتحديهم لكل الصعاب وثقتهم بقدرتهم على إعادة إعمار ما يمكن إعماره في غزة بعد وقف الحرب، إلا أن هناك ما لا يمكن إعادة إعماره.
ما جرى في هذه الحرب ليس فقط تدمير بنية تحتية ومباني ومدارس ومستشفيات الخ،بل تدمير ذاكرة وتاريخ وحضارة.
صحيح يمكن للمليارات أن تبني بيوتاً ومدارس ومستشفيات وجامعات وأن ترصف شوارع حتى أن تبنيها بهندسة معمارية أكثر حداثة، ولكن من يعيد الحياة لغزة الحضارة والتاريخ الممتد لأكثر من أربعة آلاف عام قبل الميلاد وقبل أن يدخلها هاشم بن عبد المناف ويُدفن فيها؟غزة التي عجز بنو إسرائيل قبل أكثر من ألف سنة قبل الميلاد عن اخضاعها فلعنوها كما تنص كتبهم الدينية ويحاولون اليوم الانتقام منها؟
من يُعيد لغزة معالمها الأثرية من مساجد وكنائس ومتاحف وأشجار زيتونها المعمرة الخ؟من يُعيد إعمار النفوس المحطمة والثقافة والمنظومة القيمية التي
دمرتها الحرب ودمرها الانقسام؟
غزة في حالة إعادة إعمارها لن تكون نفسها غزة قبل دمارها، وسكان قطاع غزة حتى في حالة عودتهم ،بما تبقى من أفراد أسرٍهم، الى ما كانت بيوتهم حتى وإن تم إعادة بنائها ،لن يشعروا بأنهم في بيوتهم وفي بيئتهم الطبيعية.
غزة بعد الحرب حتى وإن تم إعمارها ستكون فاقدة الروح والمعنى ودفئ عبق التاريخ.
هذا إن سمح العدو بعودة الجميع وبالاعمار.
ما يعطي أملا بالغد لغزة وكل فلسطين هو انجاز وحدة وطنية في إطار منظمة تحرير متجددة وحكومة توافق وطني تتبنى مهمة إعادة الحياة لغزة بجهود كل أبناء الشعب وأحزابه.
Ibrahemibrach1@gmail.com