أدوارد سعيد

18 نوفمبر 2020آخر تحديث :
أدوارد سعيد

(1 نوفمبر 1935 القدس – 25 سبتمبر 2003)

مُنظر أدبي فلسطيني وحامل للجنسية الأمريكية. كان أستاذا جامعيا للغة الإنكليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية ومن الشخصيات المؤسسة لدراسات ما بعد الكولونيالية. كما كان مدافعا عن حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وقد وصفه روبرت فيسك بأنه أكثر صوت فعال في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

كان إدوارد سعيد من الشخصيات المؤثرة في النقد الحضاري والأدب وقد نال شهرة واسعة خصوصاً في كتابه الاستشراق المنشور سنة 1978. قدم كتابه أفكار المؤثرة عن دراسات الاستشراق الغربية المتخصصة في دراسة ثقافة الشرقيين. وقد ربط إدوارد سعيد دراسات الاستشراق بالمجتمعات الإمبريالية واعتبرها منتجاً لتلك المجتمعات. مما جعل من أعمال الاستشراق أعمال سياسية في لبها وخاضعة للسلطة لذلك شكك فيها. وقد أسس أطروحته من خلال معرفته الوثيقة بالأدب الاستعماري مثل روايات جوزيف كونراد، ومن خلال نظريات ما بعد البنيوية مثل أعمال ميشيل فوكووجاك دريدا وغيرهم. اثبت كتاب الاستشراق ومؤلفاته اللاحقة تأثيرها في النظرية والنقد الأدبي. إضافة إلى تأثيرها في العلوم الإنسانية، وقد أثر في دراسة الشرق الأوسط على وجه الخصوص في تحول طرق وصف الشرق الأوسط. جادل إدوارد سعيد نظريته في الاستشراق مع علماء في مجال التاريخ، واختلف العديد مع أطروحته ومن بينهم برنارد لويس

كما عرف إدوارد سعيد كمفكر عام، فكان يناقش أمور ثقافية وسياسية وفنية وأدبية بشكل دائم من خلال المحاضرات والصحف والمجلات والكتب. ومن خلال تجربته الشخصية كفلسطيني المنشأ ترعرع في فلسطين في وقت إنشاء دولة إسرائيل، دافع إدوارد عن إنشاء دولة فلسطين إضافة إلى حق العودة الفلسطيني. كما طالب بزيادة الضغط على إسرائيل وخصوصاً من قبل الولايات المتحدة. كما انتقد العديد الأنظمة العربية والإسلامية.. حازت مذكراته «خارج المكان» المؤلفة سنة 1999 على العديد من الجوائز مثل جائزة نيويورك لفئة غير الروايات، كما حاز سنة 2000 على جائزة كتب أنيسفيلد-ولف لفئة غير الروايات وغيرها.

كان إدوارد سعيد عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني لعدة عقود.

بالمشاركة مع صديقه دانييل بارينبويم قاما بتأسيس أوركيسترا الديوان الغربي الشرقي سنة 1999 وهي مكونة من أطفال فلسطينيين وإسرائيليين ومن أطفال عرب من دول الجوار. كما كان إدوارد عازف بيانو بارع. ونشر بالمشاركة مع صديقه بارينبويم في سنة 2002 كتاباً عن محادثاتهم الموسيقية المبكرة بعنوان : المتشابهات والمتناقضات: استكشافات في الموسيقى والمجتمع. ظل إدوارد نشطاً حتى آخر حياته وتوفي بعد صراع طويل مع اللوكيميا سنة 2003.

حياته المبكرة :

ولد إدوارد سعيد في القدس في الأول من نوفمير سنة 1935والده كان يحمل الجنسية الأمريكية وهو من الديانة المسيحية الأرثوذكسية وكان رجل أعمال وخدم في الحرب العالمية الأولى تحت إمرة جون بيرشنغ. وقد انتقل الأب إلى القاهرة قبل ولادة إدوارد بعقد. أما والدته فهي أرذوكسية أيضاً من مواليد مدينة الناصرة وكانت نصف لبنانية أما شقيقته فهي المؤرخة روزماري سعيد زحلان

عاش إدوارد سعيد حتى عمر 12 سنة متنقلاً بين القاهرة والقدس وقد التحق في المدرسة الإنجليكية ومدرسة المطران في القدس سنة 1947. لكن المحامي والصحفي الإسرائيلي جوستوس وينر زعم بأن إدوارد سعيد قد قضى هذه الفترة في القاهرة حيث كانت أعمال عائلته ولم يلتحق بمدرسة المطران في القدس سوى لفترة قصيرة جداً. وأضاف أنه لاتوجد وثائق مدرسية تثبت أن إدوارد سعيد قد ارتاد هذه المدرسة. كان نقاش وينر يهدف إلى إلقاء الشك بتحصيل إدوارد العلمي قبل قيام إسرائيل سنة 1948. كما أضاف وينر أنه لم يقابل إدوارد سعيد ليسأله عن ذلك، لكن الأدلة التي لديه والتي أمضى ثلاث سنوات لايجادها تجعله لا يحتاج لمقابلة إدوارد سعيد لتأكيد أو نفي ذلك وقال “الأدلة أصبحت دامغة، لا يوجد داعي لأن أكلمه وأقول له أنت كاذب، أنت محتال”. تصدى ثلاث صحفيين ومؤرخ لدعوى وينر وأعتبروها كاذبة. فقد ذكر ألكسندر كوكبورن وجيفري كلير ذكرا في صحيفة كاونتربنش بأنهما قابلا هايج بويادجين والذي أخبر وينر بأنه درس مع إدوارد سعيد في نفس الصف في مدرسة المطران، لكن وينر تعمد حذف هذا. كما ذكر كريستوفر هيتشنز في صحيفة ذا نيشن بأن المعلمين والخريجين أكدوا بأن إدوارد كان في المدرسة في حين علق المؤرخ المختص بتاريخ تأسيس إسرائيل آموس إيلون في نيويورك ريفيو أوف بوكس بأن وينر فشل بأن يثبت بأن إدوارد وعائلته كان في القدس شتاء سنة 1947-1948 وأنه هاجر مع أهله خارج فلسطين على خلفية الحرب، والحقيقة بأن أملاك العائلة صودرت في القدس وأصبحت عائلته من اللاجئين لرفض إسرائيل لعودتهم إلى البلاد التي ولدوا فيها.

لكن وينر في رده اعتبر أن آمون قد خان الآمانة وهيتشنز جعل من نفسه ملصق عن صبي فلسطيني. لاحظ إدوارد سعيد أن ناشري المجلة المحافظة كومينتاري قد هاجموه بثلاث مقالات طويلة كان آخرها مقالة لوينر، فعلق على حياته المبكرة”هناك عشرات الأخطاء فيما عرضوه في الحقيقة ” فعند أعلان حرب 48 انتقلت عائلته إلى حي الطالبية ومن ثم إلى القاهرة.

التحق إدوارد سعيد بكلية فكتوريا في الإسكندرية. وطرد من الكلية سنة 1951 كونه مشاغب ليرسله والده إلى مدرسة داخلية نخبوية في الولايات المتحدة في ماساتشوستس وقد ذكر سعيد بأنه كانت سنة تعيسة شعر فيها بخارج المكان. مالبث سعيد أن أدار نفسه بشكل جيد ويحسن صنيعاً في المدرسة ليحوز الترتيب الأول أو الثاني على مئة وستين طالب. وقد أثرت هذه السنة على حياته المستقبلية لمقابلته أناس من ثقافات عدة للتشابك ويتولد الأحساس لديه بخارج المكان. ثم تابع دراسة الفن وحاز على إجازة بها من جامعة برنستون سنة 1957 وماجستير بالفن سنة 1960 ثم حصل على شهادة الدكتوراه باللغة الإنكليزية والأدب المقارن سنة 1964 من جامعة هارفرد. وقد كان متقن للغة الإنكليزية والعربية والفرنسية.

نشاطه :

انضم إدوارد سنة 1963 إلى جامعة كولومبيا قسم اللغة الإنكليزية والأدب المقارن حيث بقي هناك حتى وفاته سنة 2003. عمل كأستاذ زائر للأدب المقارن في جامعة هارفرد سنة 1974. وفي سنة 1975-1976 أصبح زميل لمركز الدراسات المتقدم للعلوم السلوكية التابع لجامعة ستانفورد. أصبح سنة 1977 أستاذ مساعد للغة الإنكليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا. وأصبح في وقت لاحق أستاذ للسلطنات القديمة وتأسيس حقوق الإنسان. كما عمل سنة 1979 كاستاذ زائر في جامعة جونز هوبكينز. كما عمل كأستاذ زائر في جامعة ييل وحاضر في أكثر من مئة جامعة حصل سنة 1992 على منصب أستاذ جامعي وهي أعلى درجة علمية أكاديمية في جامعة كولومبيا

كما عمل كرئيس لجمعية اللغة الحديثة، ومحرر في فصلية درسات عربية. كما كان عضواً في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم وعضو تنفيذ في نادي القلم الدولي والأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب والجمعية الملكية للأدب والجمعية الأمريكية للفلسفة.

كما دعي إدوارد سعيد في عام 1993 لإلقاء محاضرات في البرنامج الإذاعي السنوي لدى بي بي سي محاضرات ريث ليقدم على ست حلقات محاضرات بعنوان تمثيل المثقف،  وهي محاضرات تدرس دور المثقفين في المجتمعات الحديثة. وقد جعلت البي بي سي هذه المحاضرات متاحة للعامة في سنة 2011.

كما كان إدوارد سعيد ينشر بشكل دوري مقالات في دورية ذا نيشن وصحيفة الجارديان ومجلة لندن ريفيو أوف بوكس وصحيفة ليموند ديبلوماتيك وصحيفة كونتربونش وصحيفة الأهرام إضافة إلى صحيفة الحياة. وقد ترجمت كتابته إلى ست وعشرين لغة وشملت كتاباته أمور سياسية وأدبية وشؤون الشرق الأوسط والموسيقى والثقافة

أعماله :

يعتبر كتاب “جوزيف كونراد ورواية السيرة الذاتية ” الصادر سنة 1966 أول أعمال إدوارد سعيد وهو امتداد لإطروحته. بعد ذلك جمع إدوارد أفكار استقاها من أعمال جيامباتيستا فيكو وغيره ليضع كتاب “بدايات: القصد والمنهج ” سنة 1974 ليشرح الأسس النظرية للنقد الأدبي. ومن بين كتبه النقدية “العالم والنص والناقد” سنة 1983 وهو يمثل انطلاقة جديدة للنظرية الأدبية المعاصرة، والذي يبين أن التأثيرات الأيدولوجية للناقد وبالتالي يتم فرض أعمال أدبية لتلبية تلك النظرية أو هذا النظام الإيدولوجي. لذلك يرى إدوارد أنه يجب أن يحافظ الناقد الأدبي على مسافة واحدة من كل الثقافات والعقائد الإيدلوجية والتقليدية والمعتقدات. نشر كتاب “تمثلات المثقف” سنة 1994 وهو عبارة عن مجموعة محاضرات إلقاها بي بي سي عن ظهور المثقف الإعلامي والتمايز بين أنواع المثقفين بين مثقفين يرتبطون بمؤسسات تستخدم المثقفين لتنظيم مصالحها واكتساب المزيد من السلطة والسيطرة إي أن وظيفتهم تغيير العقول وتوسيع الأسواق ومثقف تقليدي يقوم بعمل ما ويواصل القيام به من دون تغيير جيلا بعد جيل، مثل المدرس والراهب والإداري ومثقف نخبوي يعتبر نفسه ضمير الإنسانية

عبر إدوارد سعيد عن اهتمامته الموسيقية من خلال كتاب “متتاليات موسيقية” سنة 1991 فكان قادراً على ربط الموسيقى ببعدها الثقافي والسياسي. كما نشر العديد من الأعمال التي تخص القضية الفلسطينة مثل كتاب “القضية الفلسطينية” سنة 1978 منطلقاً من بداية الأحداث بولادة الحركة الصهيونية وانتشار ايدولوجيتها ضمن الثقافة الاستعمارية الأوروبية وتشجيع اليهود إلى الهجرة إلى أرض فلسطين وفي نفس الوقت يعرض نبذة حول تاريخ الشعب الفلسطيني مقدماً عرضاً شاملاً حول الخصائص الديموغرافية والاجتماعية المميزة لهذا الشعب. ومن خلال جمع كم كبير من الوثائق وتفسيرها يصر إدوارد سعيد على مسألة أن فلسطين في فبين القرنين التاسع عشر والعشرين لم تكن صحراء لا شعب فيها بل كانت مجتمع مدني ذو كيان سياسي يناهز عدد أفراده 600,000 نسمة. وفي نقده لاتفاقية أوسلة ألف كتابين عن اتفاقية أوسلو هما “غزة أريحا: سلام أمريكي ” و”أوسلو : سلام بلا أرض ” سنة 1995 ينقد فيها هذه الاتفاقية. يوجد لإدوارد سعيد 18 كتاب في مواضيع مختلقة. لكن كان كتاب الاستشراق من أهم أعماله مشكلاً بداية فرع العلم الذي يعرف بدراسات ما بعد الكولونيالية. وقد اعتبر سعيد أن ظاهرة الاستشراق ماكانت إلا تلبية لمتطلبات الدول الاستعمارية. وتبعهم بكتابين هما “مسألة فلسطيني ” سنة 1979 وكتاب “تغطية الإسلام” سنة 1980اللذان اعتبرهما سعيد تكملة لكتاب الاستشراق، لتشكل سلسة من الكتب يحاول فيها أن يشرح العلاقة القائمة في العصر الحديث بين العرب والإسلام والشرق عموماً والغرب متمثلاً ببريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة خصوصاً.

الاستشراق :

عرف إدوارد سعيد بشكل كبير بفضل وصفه ونقده الاستشراق. وقد بدأ في كتابة كتابه الاستشراق في الفترة ما بين 1975-1976 في الفترة التي كان يعمل فيها أستاذاً زائراً في جامعة ستانفورد. وقد وصف الاستشراق بعدم الدقة والتشكل على أسس الفكر الغربي تجاه الشرق. وقد علق في أشهر كتبه الاستشراق بأنه :

 [ تحيز مستمر وماكر من دول مركز أوروبا تجاه الشعوب العربية الإسلامية ]

لذلك فهو يرى الاستشراق بصورة أعم من صورة المبحث الأكاديمي، بل هو تقليد أكاديمي يقوم على التمييز المعرفي والوجودي بين الشرق والغرب لتتطور هذه النظرة في أواخر القرن الثامن عشر لتصبح أسلوباً في التعامل مع الشرق من أجل الهيمنة عليه

[ فإذا اعتبرنا القرن الثامن عشر نقطة انطلاق عامة إلى حد بعيد، استطعنا أن نناقش الاستشراق بصفته المؤسسة الجماعية للتعامل مع الشرق، والتعامل معه معناه التحدث عنه واعتماد صورة معينة عنه، ووصفه وتدريسه للطلاب وتسوية الأوضاع فيه والسيطرة عليه. وباختصار بصفة الاستشراق أسلوباً غربياً للهيمنة على الشرق واعادة بناءه والتسلط عليه ]

جادل في أن الصور الرومنسية التقليدية الأوربية تجاه ثقافة آسيا عموماً والشرق الأوسط خصوصاً ما كنت إلا تبريراً للطموحات الاستعمارية الإمبريالية لدول أروبا والولايات المتحدة. مندداً في الوقت نفسه بممارسة النخب العربية التي حاولت استيعاب واستبطان الأفكار الاستشراقية الأمريكية والبريطانية. يقول في الاستشراق:

 [ حتى الآن يبدو قلق الولايات المتحدة أن ينظر للعرب والمسلمين ما هم سوى مزودين بالنفط أو إرهابيين محتمللين ما هو إلا مبالغة، القليل جداً من التفاصيل مثل الكثافة السكانية، والعاطفة في حياة العرب المسلمين قد دخلت في معرفة أولئك المحترفين في صياغة تقاريرالعالم العربي. وبدلاً من تلك التفاصيل لدينا بعض الرسوم الكاريكتورية التي تختزل هذه التفاصيل في العالم العربي الإسلامي إلى صورة النفط الخام والتي جعلت بهذا الشكل لجعل هذا العالم عرضةً للعدوان العسكري ]

يؤكد إدوارد سعيد في كتابه أن معظم الدراسات الأوربية للحضارة الإسلامية كانت ذا منحى عقلاني غربي تهدف إلى تأكيد الذات بدلاً عن الدراسة الموضوعية، فاعتمد طرق تمييز وأدوات الهيمنة الإمبريالية. وقد كان للاستشراق آثار في مجال نظرية الثقافة والدراسات الثقافية والجغرافيا البشرية وعلى التاريخ ودراسات الشرق. وقد بنى جدليته على أعمال جاك دريدا وميشيل فوكو وعلى نقاد الاستشراق الأوائل أمثال عبد اللطيف الطيباوي وأنور عبد الملك ومكسيم رودنسون وريتشارد ويليام ساوثرن[54]. أعتبر أن الدراسات الغربية للشرق تقع في موقع الشك ولا يمكن الأخذ بها على الإطلاق. وأضاف أن تاريخ الحكم الاستعماري والهيمنة السياسية للشرق من قبل أوروبا شوهت هذه الكتابات حتى كتابات المستشرقين ذوي النيات الحسنة أو ذوي المعرفة الجيدة بالشرق :

 [ أشك بأنك هناك من يختلف معي بأن رؤية رجل إنكليزي من القرن التاسع عشر مقيم في الهند أو مصر أكثر من رؤيته لهاتين البلدين على أنهما مستعمرتين بريطانيتن. وهذا القول يختلف تماماً عن القول بأن الدراسات الأكاديمية عن مصر والهند مصبوغة ومشوبة نوعاً ما بالواقع السياسي العام ]

كما رأى بأن الغرب لديه رؤية نمطية للشرق في الفن والأدب منذ قيدم العصور مثل رؤية إسخيلوس لتركيبة المجتمع الفارسي. وقد هيمنت أوروبا على سياسة أسيا في العصر الحديث، لذلك حتى نصوص أكثر الدارسيين موضوعية كانت مخترقة بالتحيز للغرب. بذلك اتخذ الدارسيين الأوروبيين مهمة استكشاف وتفسير اللغات الشرقية وتاريخهم وثقافتهم مع الإيحاء بأن الشرقيين غير قادرين على سرد رأيهم وروايتهم في ذلك. ليكتب المستشرقين ماضي آسيا ويشيدوا هويتهم الحديثة من منظور استعلائي قائم على أخذ أوروبا كمعيار ونموذج.

يلخص سعيد بأن الدارسيين الأوربيين قاموا بوصف الشرقيين بأنهم غير عقلانيين وضعفاء ومخنثين، على عكس الشخصية الأوروبية العقلانية والقوية والرجولية. ويعزي هذا التباين إلى الحاجة إلى خلق اختلاف بين الشرق والغرب وهذا الاختلاق لا يمكن من تغيير جوهر الشرق. عندما نشر إدوارد سعيد كتابه كانت ما تزال حرب أكتوبر وأزمة أوبك حديثة ليشير سعيد أن هذا الخلل في النظرة إلى الشرق ما زال مستمر في وسائل الإعلام الحديثة.

النقد :

أثار كتاب الاستشراق والأعمال الأخرى لإدوارد سعيد طائفة كبيرة من الجدل والنقض. فقد رأى إرنست غيلنر أن زعم إدوارد سعيد بأن الغرب قد سيطر على الشرق لمدة أكثر من 2000 عام أمر مستحيل، فكانت الإمبراطورية العثمانية حتى آواخر القرن السابع عشر تشكل خطر كبير على أوروبا. كما لاحظ مارك برودمان أن إدوارد قد إدعى بأن الإمبراطورية البريطانيةقد امتدت من مصر إلى الهند في 1880، لكن الحقيقة أن هذه المنطقة كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية والفارسيين. في حين ذهب آخرون، أنه حتى في ذروة الإمبراطوريات الأوربية، فإن السيطرة الأوروبية على الشرق لم تكن مطلقة وظلت تعتمد بشكل كبير على المتعاونيين المحليين الذين كانوا يخدمون الأهداف الإمبراطورية. وانتقد البعض منهجية إدوارد سعيد في انتقاء الفكر الاستشراقي ضمن منطقة جغرافية ممتدة بين مصر وفلسطين وهي أمثلة فقيرة على نظريته عن الاستشراق نظراً للفترة القصير نسبياً لخضوعها للسيطرة الأوروبية. ورأى هولاء أن إدوراد سعيد أهمل مناطق أهم من ذلك مثل الهند عندما كانت تحت السيطرة البريطانية وأقسام من آسيا التي خضعت للسيطرة الروسية، وما كان تركيزه على الشرق الأوسط إلا تركيزاً منه على أهداف سياسية.

جاء النقد الحاد لإدوارد سعيد من قبل أكاديميين مستشرقين وبعضهم من أصول شرقية مثل البرت حوراني وروبرت إيروين ونيكي كدي وبرنارد لويس. رأى ألبرت حوراني بأن إدوارد سعيد ركز على المبالغات العنصرية والعداء في كتابات المستشرقين، وتجاهل ذكر منجزاته الإنسانية الكثيرة.. كما عنون كنعان مكية “بعض النتائج المؤسفة على استشراق سعيد وتأثيره على التصور والدراسة الأكاديمية ” رأت كيدي من أن عمل سعيد كان جيداً إلا أن كان له بعض النتائج العكسية، فأصبحت كلمة مستشرق في الشرق الأوسط تعني بأنه الشخص الذي يأخذ موقفاً سلبياً من النزاع العربي الإسرائيلي. كان برنارد لويس على خلاف كبير مع إدوارد سعيد حول الاستشراق. فقد وصفه إدوارد “بأنه التمثيل الكامل لأساس الاستشراق والتي كانت أعماله تدعي بأنها أكاديمية ليبرالية لكنها في الحقيقة ماهي إلا دعاية ضد موضوع ما”. كتب لويس العديد من المقالات للرد على إدوارد وقد انضم إليه مكسيم رودنسون وجاكوس بيركو وإعجاز أحمد ووليم مونتغمري واط الذي اعتبر كتاب الاستشراق كتاباً معيباً في الفكر الأكاديمي الغربي.

رأى بعض النقاد الأكاديميين بأن إدوارد سعيد لم يميز في عمله بين أنواع المستشرقين، فعلى سبيل المثال لم يميز بين الشاعر يوهان فولفغانغ فون غوته الذي لم يسافر أبداً إلى الشرق، والروائي جوستاف فلوبير الذي أمضى فترة وجيزة في مصر. وكتابات إرنست رينان التي كانت نابعة من أساس عنصري، وبين بعض الأكاديميين مثل إدورد وليم لين الذي كان متقن للغة العربية. ووفقاً لهذا النقد، فإن إدوارد سعيد قد تجاهل جنسية المستشرقين وخلفياتهم، وجعل صورة نمطية واحدة للمستشرق الأوربي. ويقول الناقد روبرت ايروين بأن سعيد تجاهل دراسات المستشرقين من ألمانيا والمجر في القرن التاسع عشر والذي لم تكن لدولهم هيمنة تذكر على الشرق الأوسط.

يتهم بعض النقاد بأن إدوارد سعيد قد ساهم في أنشاء الاستغراب لمعاكسة الاستشراق في الخطاب الغربي. متهمين إياه بأن فشل في التمييز بين نماذج الرومانسية والتنوير. وقد تجاهل الاختلاف الواسع والأساسي بين رأي علماء الغرب حول الشرق، كما فشل في الاعتراف بأن كثير من المستشرقين مثل وليم جونز، والذين حاول إنشاء قرابة بين الشرق والغرب مع الإبقاء على الاختلاف، وقد شكلت بعض نظرياتهم أساساً لمقاومة الاستعمار. ومن الانتقادات الشائعة بأن أدوارد سعيد واتباعه لم يميز بين الاستشراق في الثقافة الشعبية(على سبيل المثال تصوير الشرق في فيلم مثل إنديانا جونز ومعبد الهلاك) والدراسات الأكاديمية للغة وثقافة تاريخ الشرق (ويرى سعيد من أنهم استقوا من نفس المنبع).

كما يرى بعض المنتقدون من أن الخلفية الثقافية والأثنية لإدوارد سعيد ومحاولته للفت الانتباه من أنه فلسطيني ومن أن وطنه تحت الاحتلال قد أثرت على دراسته للاستشراق وبالتالي، فإن كتابات سعيد كانت نابعة من الإيمان بالذات ولا توجد إي نواحي موضوعية في كتاباته.

أطلقت عصبة الدفاع عن اليهود لقب نازي على إدوارد سعيد. وفي نفس السنة أضرم أحدهم النار في مكتبه في جامعة كولومبيا. وقال إدوارد بأنه كان يتلقى تهديدات القتل هو وعائلته طوال حياته.

المؤيدون :

يرى مؤيدو إدوارد سعيد بأن مثل هذا النقد حتى لو كان صحيحاً، فهو لا يبطل الأطروحة الأساسية وهذه الأطروحة صحيحة في القرنين التاسع عشر والعشرين وهي متمثلة خصوصاً في وسائل الأعلام الغربية والأدب والسينما. كما يرى مؤيدوه بأن دراساته لم يتم تطبيقها على البعثات الألمانية، وهو ما صرح عنه في النسخة الثانية لكتاب الاستشراق الصادر عام 1995 رافضاً نقدهم

[ لكنني بدلاً من ذلك أدركت بعض المشكلات والإجابات التي اقترحها بعض منتقدي. ولأنها تبدو لي مفيدة في تركيز المحاججة فإنني سأضعها في اعتباري خلال ما سيلي من تعليقات. مشكلات أخرى مثل استثنائي للاستشراق الألماني حيث لم يقدم لي سبباً واحداً يجعلني أدرج ذلك الاستشراق بدت لي بصراحة سطحية وتافهة وما من داع للتعامل معها ] .

يعتبر الاستشراق كحجر الأساس في حركة ما بعد الاستعمار ساعدت الباحيثين الغير غربيين على من الاستفادة من المزاج السياسي الصحي في خلق حياة منهجية جديدة ودراسات مهنية ناجحة دون الاعتماد على نتائج الأبحاث الغربية.

كما تثملت أهمية أعمال إدوارد سعيد في النقد الأدبي والدراسات الثقافي في تأثيراتها على باحثين من الهند وكمبوديا. وما تزال أعماله تناقش بشكل واسع في الأوساط الأكاديمية والمؤتمرات.

التأثير :

يعترف كل من المؤديين والمعرضين بأن كتاب الاستشراق كان له تأثيرات عميقة على كل أطياف العلوم الإنسانية. لكن يعتبر معارضوه بأن تأثيره كان محدود، في حين يرى أنصاره بأن كتابه كان له تاثير كبير على حركة التحرر، حيث يعتبر إدوار سعيد من مؤسسي نظرية ما بعد الاستعمار وذو صلة مستمرة ودائمة بهذه النظرية. ولا يزال هذا العمل يجذب الانتباه ويمد حقول العلوم الأنسانية بالمعرفة. ولايزال كتاب الاستشراق ذو تأثير عميق في دراسات الشرق الأوسط. لقد كان إدوارد سعيد من أكثر المفكرين شعبية في الولايات المتحدة وقد وصفة هناك بشكل كبير على أنه نجم المفكرين “intellectual superstar” فكان منخرطاً بالنقد الموسيقي والثقافة الشعبية والاستشارات الإعلامية والسياسة المعاصرة والإنجازات الموسيقية. وتعتبر الشهرة العالمية له بسبب المزيج الفريد والمبتكر من النقد الثقافي إلى الأدب والسياسة ونظرية الأدب.

وقد أسست ميليتشا باكيك هايدن مصطلحها ما بعد الاستشراق اعتماداً على الأفكار التاريخية لرالي وولف وإدوارد سعيد. كما وضعت المؤرخة البلغارية ماريا تودوروفا مصطلح ما بعد البلقنة والمنبثق من مصطلح ما بعد الاستشراق.

مسألة فلسطين :

حاول إدوارد سعيد في هذا الكتاب وضع القضية الفلسطينية ضمن المنظور الفلسطيني، منطلقاً من بداية الأحداث المتتمثلة بولادة الحركة الصهيونية ونشر إيدولوجيتها ضمن السياق الثقافي الاستعماري الأوربي في نهاية القرن التاسع عشر وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين. ثم ينتقل إلى استعراض الحقائق التاريخية لشعب فلسطين. ليطرح مسألة ماهية أرض فلسطين والشعب الفلسطيني التي مافتئت الصهيونية من انكارهم عارضاً الأجوبة ببساطة بأن الشعب الفلسطيني هو الشعب المقيم على الأرض والذين هجروا منهاوحتى الآن لايعترف بمشروعيتهم في أرضهم والذين يعتبرون جزءاً من تاريخ الشعوب المهجرة من أراضيهم ويقدم الوثائق التي تنقد الدعاية الصهيونية بعدم وجود شعب في أرض فلسطين تجسدت هذه الدعايات في التصريحات التي كان يبوح بها الزعماء الصهيونيون البارزون مثل ثيودور هرتزل إ ومناحيم بيغين وحاييم وايزمان والذين كانوا يتجاهلون وجود الشعب الفلسطيني. وفي أحسن الأحوال، يصفون الفلسطينيين بالبرابرة والمرتزقة والكسالى. وترتبط هذه الصورة بالصورة الاستعمارية الغربية التي كانت تروجها في تبرير استعمارها لمستعمراتها بأنها تريد إعادة بناء تلك المناطق على أسس حضارية. ويرى أن الدول الغربية تبنت الخطاب الصهيوني وحاولت وسائل الإعلام عدم نشر أراء اللاجئين الفلسطينين في حقهم في تقرير مصيرهم. ليرجع في النهاية السبب الرئيسي في الهزيمة الفلسطينية بأن الحركة الصهيونية كانت أكثر من مجرد شكل من أشكال الاحتلال إنما نجحت في ضمان مساندة الحكومات والشعوب الأوربية. من خلال إعادة توليد النظرة التقليدية عن الشعب الفلسطيني.

تغطية الإسلام :

مقالة مفصلة: تغطية الإسلام (كتاب)

تغطية الإسلام وهو كتاب صدر سنة 1981 ويعتبره سعيد الجزء الثالث والمكمل لكتابه الاستشراق. ويحاول من خلال هذا العمل رصد النظرة الحديثة الغربية للعالم الشرقي. لذلك يرصد ردود فعل العالم الغربي وخصوصاً الأمريكي تجاه العالم الإسلامي والذي تنظر إليه بصفته موقعاً شديد الحيوية وفي الوقت نفسه مصدر للمتاعب نتيجة الشعور بنقص تزويد الطاقة والبترول لهم:

[ وأما في تغطية الإسلام فإن موضوعي معاصر بصورة مباشرة وهي المواقف الغربية والمواقف الأمريكية خصوصاً إزاء العالم الإسلامي الذي بدأ الغربيون يرون منذ مطلع السبعينات أن له صلة وثيقة بهم ومع ذلك فهو يموج بالقلاقل المعادية لهم ويمثل مشكلة لهم. وكان من بين أسباب هذه الرؤوية احساسهم الحاد بنقص إمدادات الطاقة، وهو الإحساس الذي تركز على النفط العربي ونفط الخليج العربي ] .

إن التغطية الإعلامية للإسلام حسب إدوارد سعيد مليئة بالمغالطات وبعيدة عن الموضوعية حيث يتم تصوير الإسلام كدين يتميز بالعصبية العرقية والكراهية الثقافية والجنسية، في حين تحظى المسيحية واليهودية باحترام كبير. ويجادل بذلك بالاستشهاد بدور الصحفيين المرسلين إلى مناطق النزاعات والذين ليس لهم معرفة بهذه المجتمعات فمثلاً خلال أزمة الرهائن الأمريكيين أثناء الثورة الإيرانية تم إرسال ما يقارب 300 صحفي دون أن يكون بينهم صحفي يعرف اللغة الفارسية.الشيء الذي يجعلهم يكتبون تقارير شبه جاهزة وأحيانا سطحية لاتعدو أن تكون مجرد قوالب شكلية ومعدة من قبل. ويرى أن هذه الأزمة تتعدى الصحافة لتصل إلى المؤسسات الأكاديمية ويستغرب بأن طالب الماجستير أو الدكتوراة المتخرج من الجامعات الكبرى الأمريكية والأوروبية في مجال الشرق الأوسط، تجده لا يتقن اللغة العربية ولا يجيدها. بهذه الصورة يرى أن واقع ما يحدث في الاعلام الغربي والدراسات الغربية ضد الإسلام، وتطلق التعميمات التي تؤكد أن الإسلام هو تهديد للحضارة الغربية ومحاولة إعطاء أمثلة على ذلك التهديد عن طريق عرض سلوكيات وأراء فردية ليس لها علاقة بالإسلام الحقيقي. كما ارتبطت كلمة العالم الثالث بالشرق الأوسط، مما جعل هناك نظرة دونية لعالم الشرق الأوسط. ساعدت سطوة وتقنية الإعلام الأمريكي على العالم عموماً والعالم العربي خصوصاً من تبني وتثبيت أفكار هذا الإعلام من قبل المستقبلين والمستمعين :

[ يميل المسلمون إلى الاعتماد على مجموعة صغيرة جداً من وكالات الانباء الاجنبية التي ينحصر عملها في إعادة بث الأنباء باتجاه العالم الثالث، حتى في الحالات الكثيرة التي يكون فيها ذلك العالم هو النبأ. وانطلاقاً من كونه مصدراً للأنباء، أصبح العالم الثالث عموماً والعالم الإسلامي بشكل خاص مستهلكين للأخبار. ولأول مرة في التاريخ (و أعني بأول مرة هذا النطاق الواسع) يمكن القول بأن العالم الإسلامي أصبح يعلم عن ذاته ويتعرف عليها عبر صور وتواريخ ومعلومات مصنعة في الغرب ] .

من خلال كتابه تغطية الإسلام، تابع إدوارد سعيد رؤويته في كتاب الاستشراق بحيث قسم العالم إلى قسمين شرقي وغربي، ونظر إلى الشرق على أنه الإسلام والذي حاولت وسائل الإعلام الحديثة (والتي حلت مكان المستشرقين التقليدين) من إيصال صورة مختزلة ومشوهة للإسلام.

النشاط السياسي :

نشاطه في القضية الفلسطينية :

شارك إدوارد سعيد طوال حياته في الجهد المبذول من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، وكان عضواً مستقلاً في المجلس الوطني الفلسطيني طوال الفترة الممتدة ما بين 1977 إلى 1991  ومن أوائل المؤيدين لحل الدولتين. وقد صوت سنة 1988 في الجزائر لصالح إقامة دولة فلسطين ضمن المجلس الوطني الفلسطيني. استقال في سنة 1991 من المجلس الوطني الفلسطيني احتجاجاً على توقيع اتفاقية أوسلو، وقد شعر بأن بنود وشروط الاتفاق غير مقبولة وهو ما رفض من قبل في مؤتمر مدريد 1991. وقد رأى أن اتفاقية أوسلو لن تقود إلى إقامة دولة فلسطينية حقيقية، ولاسيما أن مثل هذ الخطة رفضت سنة 1970 من قبل ياسر عرفات عندما عرضها إدوارد سعيد بنفسه على عرفات نيابةً عن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية. وقد علق على الاتفاقية بأن ياسر عرفات قد فرط في حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضي الـ 48 وتجاهل تنامي الاستيطان. وقد بلغت العلاقة بين إدوارد سعيد والسلطة الفلسطينية ذروة التوتر سنة 1995 عندما منعت السلطة الفلسطينية بيع كتب إدوارد سعيد في أراضيها. لكن الأمور عادت إلى مجاريها بعد أن أشاد برفض ياسر عرفات التوقيع على اي اتفاقية في قمة كامب ديفيد 2000. كما كان إدوارد سعيد من المفندين للإدعاءات الصهيونية، ففي مقال له بعنوان “الصهيونية من وجهة نظر ضحاياها” فند إدوارد سعيد إدعاءات الصهيونية بأحقيتها في الأراضي الفلسطينية والمطالبة بوطن قومي لليهود. مطالباً بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره كتب إدوارد سعيد العديد من الكتب في القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ومنها كتاب “القضية الفلسطينية” سنة 1979 وكتاب “سياسة التجريد” سنة 1994 وكتاب “نهاية عملية السلام” سنة 2000 إضافة إلى كتابين يتناولان اتفاقية أوسلو هما كتاب “غزة أريحا: سلام أمريكي” سنة 1995 وكتاب ” أوسلو سلام بلا أرض” سنة 1995. كما كتاب تصدير لكتاب المؤرخ إسرائيل شاحاك والذي علق على أن سلوك إسرائيل ضد الفلسطينيين راسخ في اضمن العقيدة اليهودية لليهود بطلب أو التصريح بإجازة الأفعال الصهيونية للتغطية على الجرائم بما فيها القتل تجاه غير اليهودي. وقد شهد سعيد بأن شاحاك أعظم مؤرخ عرفه على الإطلاق وأن الكتاب لا ينقصه شيء سوى موجز عن اليهودية الكلاسيكية والحديثة ليكون هناك منطقية في فهم إسرائيل الحديثة. كما امتدح شاحاك بوصفه إسرائيل بإنها دولة نازية يهودية

ألتقطت في الثالث من يوليو سنة 2000 صورة لإدوارد سعيد مع ابنه وهو يرمي حجر عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية باتجاه إسرائيل وما لبث أن بدأ النقد يوجه له بصفته “متعاطف مع الإرهاب. وقد علق على هذا الأمر بأن وصفه بـ “رمزية الفرح” لانتهاء الاحتلال الإسرائيلي للبنان. وأضاف “لم يكن هناك أحد، وأقرب مخفر كان على بعد نصف ميل”، وعلى الرغم من إدعائه بأنه لم يستهدف أحد بحجارته، إلا أنه وفقاً لشهاد عيان لجريدة السفير فإنه كان بعيداً حوالي التسعة أمتار عن جنود إسرائيليين متوضعين على برج مراقبة وأن الحجر الذي ألقاه سعيد قد ارتطم بالأسلاك الشائكة المحيطة بهذا البرج. وقد أدت هذه الصورة إلى انتقادات واسعة ضمن هيئة التدريس في جامعة كولومبيا وبعض الطلاب ورابطة مكافحة التشهير. الأمر الذي دعى رئيس الجامعة لأصدار بيان من خمس صفحات للدفاع عنه معتبراً بأن ما قام به هو نوع من أنواع حرية التعبير وقال في دفاعه عنه: ” على حد علمي أن الحجر لم يكن موجه لأحد، ولم يتم بهذا الفعل كسر أي قانون، ولم يتم توجيه أي إتهام ضده، ولم تتخذ أي دعوى جنائية أو مدنية بحق الأستاذ سعيد”. كان لهذا الأمر تداعيات عليه ففي فبراير 2001 ألغيت محاضرة كان من المقرر أن يلقيها جمعية فرويد في فينا وقد علق رئيس الجمعية على ذلك بتعبيره أن الوضع السياسي في الشرق الأوسط أصبح أكثر تعقيداً وأدى إلى زيادة معاداة السامية، لذلك قررت الجمعية إلغاء المحاضر تجنباً للصراعات الداخلية.

كما قام إدوارد سعيد بعمل فيلم وثائقي لتلفزيون الـ بي بي سي بعنوان “في البحث عن فلسطين”، ولم تنجح الـ بي بي سي في عرض هذا الفيلم في تلفزيونات الولايات المتحدة. علق سعيد على ذلك في “الثقافة المقاومة” الصادر سنة 2003 بتشبيه وضعه بوضع نعوم تشومسكي بوصفه عالم لغوي كبير ويلقى التكريم لذلك ولكنه في نفس الوقت مذموم ويلقى التهم بمعاداة السامية وبعبادة هتلر ويتابع في شرحه الأمر ويقول :

[ من غير المقبول لأي شخص انكار معاداة السامية والتجربة الرهيبة للهولوكوست، نحن لا نريد طمس أو عدم توثيق المعاناة البشرية لأي أحد، لكن في نفس الوقت هناك فرق كبير بين الاعتراف بالمعاناة اليهودية واستخدامها لتغطية معاناة شعب آخر ] .

ساهم إدوارد سعيد في سنة 2003 مع حيدر عبد الشافي وإبراهيم الدقاق ومصطفى البرغوثي في تأسيس المبادرة الوطنية الفلسطينية والتي هدفت إلى تأسيس قوة ثالثة في السياسية الفلسطينة الديمقراطية منافسة لفتح وحماس.

حصل عالم علم الإنسان ديفيد برايس سنة 2006 على 146 صفحة من أصل ملف مكون من 238 صفحة تابع للإف بي آي تكشف بأن إدوارد سعيد كان تحت المراقبة منذ بداية 1971 ولم يستطيع الحصول على معلومات حول العشرين السنة الأخيرة من حياته.

نقده للسياسة الخارجية الأمريكية :

نقد إدوارد سعيد في الطبعة المنقحة لكتاب تغطية الإسلام الصادر سنة 1997 التقارير المنحازة للصحافة الغربية وخصوصاً وسائل الإعلام حول المؤامرات الإسلامية لتفجير المباني، وتسميم المياه وتخريب الطائرات التجارية. وقد عارض إدوارد سعيد السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وفي العديد من الأماكن الأخرى، منقداً مشاركة الولايات المتحدة في كوسوفو وقصف العراق أثناء ولاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون،كما كان الدعم الأمريكي لإسرائيل موضع نقد متواصل من قبله. وعلى الرغم من تزايد معاناته بسبب مرض اللوكيميا فإنه أمضى العديد من أشهره الأخيرة في نقد ومهاجمة غزو العراق. فعلى سبيل المثال قال في مقابلة له مع جريدة الأهرام في إبريل 2003 :

[اعتقادي الراسخ على الرغم من عدم وجود أي دليل بالمعنى التقليدي للكلمة، بأنهم يريدون تغيير الشرق الأوسط برمته والعالم العربي، ربما يتم تقسيم بعض الدول وتدمير ما يسمى مجموعات الإرهاب وتنصيب أنظمة صديقة للولايات المتحدة. لكنني أعتقد أن هذا الحلم لا يوجد له سوى أساسات قليلة على أرض الواقع، فالمعلومات التي يملكونها عن الشرق الأوسط والتي حصلوا عليها من قبل من نصحوهم يمكن القول عنها أنها من خارج التاريخ ومتضاربة بشكلل كبير…….

لا أعتقد بأن المخططات لمرحلة مابعد صدام وما بعد الحرب كانت مرضية، فلم يملك سكرتير وزارة الخارجية وسكرتير وزارة الدفاع معلومات عن الهيكلية التي سنينشرون الجند فيها ولا فكرة عن المؤسسات الموجود أمام شهادتهم للكونغرس قبل بضعة أشهر على الرغم من أنهم يريدون المحافظة على مراكزهم…..

وينطبق نفس الشيء على موقفهم من الجيش، إضافة إلى نظرتهم التي لا تجد فائدة في المعارضة العراقية التي أنفقوا عليها الملايين. أما في نموذج أفغانستان فإنهم ياملون مساعدة الأمم المتحدة، لكني أشك بذلك نظراً للمواقف الروسية والفرنسية ] .

الموسيقى :

لم يكن إدوارد سعيد من محبي الموسيقى فقط، بل كان عازف بيانو بارع. وقد كتب العديد من الواضيع حول الموسيقى في مجل ذا نيشن لعدة سنوات. كما ألف ثلاث كتب حول الموسيقى، وهي متتاليات موسيقية وكتاب المتشابهات والمتناقضات: استكشافات في الموسيقى والمجتمع بالاشتراك مه دانييل بارينبويم، وآخر كتاباته بعنوان عن النوذج الأخير: الموسيقى والأدب ضد التيار. رأى سعيد في الموسيقى انعكاس لأفكاره في الأدب والتاريخ ووجد إمكانية حياة حقيقية في أجزائه وانجازاته الجريئة. وقد نشرت بعد وفاته مجموعة من المقالات التي كتبها في عام 2007 عن جامعة كولومبيا، بعنوان حدود الموسيقى.

تأثر المؤلف الموسيقي محمد فيروز بكتابات سعيد. فقد عنون سمفونيته الأولى باسم تحية إلى الراقصة بيلي، بينما عنون سوناتا البيانو باسم تأملات في المنفى على اسم مذكرات إدوارد سعيد.

أسس في سنة 1999 بالاشتراك مع صديقة دانييل بارينبويم أوركيسترا الديوان الغربي الشرقي، وتتألف الفرقة من شبان من فلسطين وإسرائيل وبعض الدول العربية المجاورة، وقد أدت معزوقاتها على نطاق عالمي بما فيها فلسطين وإسرائيل. عمل مع بارينبويم على تأسيس مؤسسة بارينيوم-سعيد وكان مقرها إشبيلية. وقد تلقت هذه المؤسسة تمويل من قبل الحكومة في سنة 2004 ووضعت المؤسسة أهداف تتضمن “التعليم من خلال الموسيقى” بالإضافة إلى إدارة فرقة أوركيسترا الديوان الغربي الشرقي. كما ساعدت المؤسسة في عدة مشاريع مثل أكاديمية دراسات الأوركسترا، والتربية الموسيقية في فلسطين ومشروع التعليم الموسيقي المبكر للأطفال في إشبيلية.

الجوائز :

إلى جانب تكريمه بعضويات والمشاركة في العديد من المؤسسات المرموقة، حصل إدوارد سعيد على 20 شهادة فخرية من جامعات عالمية. فحصل من جامعة هارفرد على جائزة بودين (Bowdoin Prize) وحصل على جائزة ليونيل تريلينغ (Lionel Trilling Award) مرتين، أولاهما كانت النسخة الأولى من هذه الجائزة. كما حصل على جائزة ويليك (Wellek Prize) من قبل الجمعية الأمريكية للأدب المقارن. وعلى جائزة سبينوزا. في سنة 2001 حصل على جائزة لانان الأدبية عن مجمل انجازاته. وفي سنة 2002 نال جائزة أمير أستورياس كما كان أول أمريكي يحصل على جائزة سلطان بن علي العويس وفي سنة 1999 حصلت سيرته الذاتية خارج المكان على جائزة نيويوركر لفئة غير الروايات وحصلت في سنة 2000 على جائزة كتب أنسفيلد ولف لنفس الفئة، وجائزة مورتن داوين زابل للأدب (Morton Dauwen Zabel). كما دون اسمه كراعي فخري لجامعة الجمعية الفلسفسة وكلية ترينتي في دبلن بعد وفاته بوقت قصير.

وفاته :

توفي في احدي مستشفيات نيويورك في صباح 25 سبتمبر 2003عن عمر ناهز 67 عاما بعد صراع دام لـ 12 عشر عاماً مع مرض ابيضاض الدم الليمفاوي المزمن (اللوكيميا). وكان قد أوصى أن ينثر رماده في دولة عربية واختار لبنان، نقل رماده في 30 أكتوبر 2003 إلى لبنان في مقبرة برمانا الإنجيلية في جبل لبنان بحضور شقيقته، وزوجته مريم وولديه نجلاء ووديع وبعض الاصدقاء المقربين بناءاً على وصيته. وقد خلف وراءه زوجته مريم وابنه وديع وابنته نجلاء وهي ممثلة وكاتبة مسرحية وهي مؤسسة وعضوة في المسرح العربي الأمريكية الجماعي نبراس.

نشر العديد من الكتاب المرموقين كلمات التأبين لإدوارد ومن بينهم الكسندر كوكبيرنوشيموس دين وكريستوفر هيتشنز وتوني جدت ومايكل وود وطارق علي.

اعادت جامعة بيرزيت سنة 2004 تسمية مدرستها الموسيقية باسم معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى تكريماً له.

وفي عام 2008 نشر دار فيرسو كتاب بعنوان في انتظار البرابرة: ألف تحية إدوارد سعيد ويحوي الكتاب مقالات لخمسة عشر كاتباً من بينهم رشيد خالدي وإلياس خوري وأكيل بيلجرامي.

ونشرت دار جامعة كاليفورنيا في آب 2010 كتاب ضم عدد كبير من المقالات ضمت 29 كاتب حول مساهمات إدوارد سعيد الفكرية وقد حرره عادل اسكندر وحاكم رستم وعنون الكتاب باسم إدوارد سعيد إرث من التحرير والتمثيل. وتضمن الكتاب مقابلات مع نعوم تشومسكي وغاياتري سبيفاك ودانييل بارينبويم. إضافة إلى كتابات لجوزيف مسعد وجاكلين روز وأفي شلايم وإيلان بابي وغيرهم الكثير

قائمة كتبه

1966 , ( جوزيف كونراد ورواية السيرة الذاتية ), جامعة هارفرد للنشر. أعيد طبعه من قبل جامعة كولومبيا للنشر سنة 2007 ISBN 0-231-14004-5

1975 , ( بدايات: القصد والمنهج ) بازيك بوك، ISBN 0-465-00580-2.

إعادة طباعة من قبل جامعة جونز هوبكنز للنشر سنة 1978, ISBN 0-8018-2085-5.

طبعة جديدة في سنة 1985 جامعة كولومبيا للنشر، ISBN 0-231-05937-X

1978 , ( الاستشراق ) , بانثون بوكس, ISBN 0-394-42814-5.

إعادة طباعة عن فينتاج بوكس سنة 1979، الطبعة 25 عن بينغوين كلاسيك سنة 2003 ISBN 0-394-74067-X.

، التذييل المضاف للكتاب سنة 1995 لديه, ISBN 0-14-118742-5

1979 , (مسألة فلسطين ) , تايمز بوكس, ISBN 0-8129-0832-5. إعادة نشر عن فينتاج بوكس سنة 1980، ISBN 0-394-74527-2. إعادة نشره مع مقدمة وخاتمة جديدة سنة 1992 عن فينتاج بوكس, ISBN 0-679-73988-2

1981 , (تغطية الإسلام: كيف تحدد وسائل الإعلام والخبراء الطريقة التي نرى فيها العالم ) , بانثون بوكس, ISBN 0-394-50923-4, ISBN 0-394-74808-5. نسخة منقحة سنة 1997 عن فينتاج بوكس,ISBN 0-679-75890-9

1983 , (العالم والنص والناقد ) , جامعة هارفرد للنشر, ISBN 0-674-96186-2

1986 , (ما بعد السماء الأخيرة : حياة الفلسطينيون ) , بانثون بوكس, ISBN 0-394-54413-7, ISBN 0-394-74469-1. فابر آند فابر, ISBN 0-571-13683-4. إعدة طبعه عن جامعة كولومبيا للنشر سنة 1999, ISBN 0-231-11449-4 (paperback)

1988 , (القومية والاستعمار والأدب: ييتس ونهاية الاستعمار ) , فيلد جاي، ISBN 0-946755-16-7

1990 , (القومية والاستعمار والأدب ) , إعادة الطباعة مع مقالات لتيري ايغليتون وفريدريك جامسون ومقدمة لسيموس ديان , جامعة مينيسوتا للنشر, ISBN 0-8166-1862-3, ISBN 0-8166-1863-1

1991 , (متتاليات موسيقية ) , جامعة كولومبيا للنشر، ISBN 0-231-07318-6

1993 , (الثقافة والإمبريالية ) , راندوم هاوس، ISBN 0-394-58738-3. اعادة الطبع عن فينتاج سنة 1994, ISBN 0-679-75054-1

1993 , (إدوارد سعيد: القارئ الناقد ) , تحرير ميشيل سبرينكر , ويلي-بلاكويلي، ISBN 1-55786-229-X

1994 , (سياسة التجريد:كفاح شعب فلسطي لتقرير المصير 1969-1994 ) , باثيون بوكس, ISBN 0-679-43057-1

1994 , (تمثيل المثقف: محاضرات ريث 1993 ) , بانثيون بوكس, ISBN 0-679-43586-7

1995 , (السلام والسخط عليه: مقالات عن فلسطين وعملية السلام في الشرق الأوسط ) , كتب التمهيد كريستوفر هيتشنز , فينتاج بوكس, ISBN 0-679-76725-8

1999 , (خارج المكان: سيرة ذاتية ) , فاز سنة 1999 بجائزة نيويوركر بوك. , كنوبف، ISBN 0-394-58739-1

2000 , (إدوارد سعيد القارئ ) , تحرير مصطفى بيومي وأندرو روبين , فينتاج بوك, ISBN 0-375-70936-3

2000 , (نهاية عملية السلام: أوسلو ومابعدها ) , بانثيون بوكس, ISBN 0-375-40930-0. إعادة طبعها عن فينتاح بوكس سنة 2001، ISBN 0-375-72574-1

2000 , (تأملات من المنفى ومقالات أخرى ) , جامعة هارفرد للنشر، ISBN 0-674-00302-0

2002 , ( المتشابهات والمتناقضات:استكشافات في الموسيقى والمجتمع ) , بالاشتراك مع دانييل بارينبويم، تحرير وتمهيد أرا غوزليميان. Edited, with a preface, by Ara Guzelimian. , بانثيون بوكس, ISBN 0-375-42106-8. إعادة طباعة عن فينتاج بوكس 2004, ISBN 1-4000-7515-7

2003 , (فرويد والغير أوروبي ) , كتب المقدمة كريستوفر بولاس والتذييل جاكلين روز , فيرسو بوكس، ISBN 1-85984-500-2

2004 , (من أوسلو إلى العراق وخريطة الطريق ) , كتب المدخل توني جودت والخاتمة وديع إدوارد سعيد , بانثيون بوكس, ISBN 0-375-42287-0

2004 , (الإنسانية ونقد الديمقراطية ) , جامعة كولومبيا للنشر، ISBN 0-231-12264-0

2006 , (المواطن المتناقض:إدوارد سعيد ) , تحرير سيلفيا ناجي زيكمي Silvia Nagy-Zekmi , ليكسينغتون بوكس, ISBN 0-7391-0988-X

2006 , (عن النموذج الأخير:الموسيقى والأدب ضد التيار ) , مدخل بقلم مريم سعيد والمقدمة بقلم ميشيل وود , بانثيون بوكس, ISBN 0-375-42105-X

المصدر : ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

https://www.iicss.iq/?id=14&sid=315

رابط المصدر:

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق