ما يدونه الناشطون على وسائط التواصل الاجتماعي المقيمون في غزة،وما تصلنا من أخبار من أشخاص نتواصل معهم مباشرة في القطاع فإن أوضاع الناس وصلت لدرجة من المأساوية، اقتصادياً
وأمنياً وسياسياً وصحياً ونفسياً وأخلاقياً ،لا يتصورها عقل.
الناس في قطاع غزة لا يعانون فقط من الموت والدمار والجوع والمرض الذي يسببه الاحتلال الذي هو بلا شك العدو الرئيس المُسبب الأكبر لكل مصائب شعبنا ،بل أيضاً من إرهاب وبطش عصابات مسلحة بعضها يتبع لفصائل وأخرى لبعض العائلات الكبيرة أو للتجار والمهربين.
الأكثر معاناة هي العائلات قليلة العدد أو غير المنخرطة بالتنظيمات المسلحة ولا بالتهريب والصِرافة والتجارة الكبيرة، هذه الفئات المحترمة الأكثر عُرضة للابتزاز والاستغلال والسرقة والاعتداءت الجسدية،
وأمور أخرى لا نريد التطرق لها حتى لا نشوه ما تبقى من صورة مُشرفة للشعب الفلسطيني الصامد.
الغريب والمؤلم في الأمر تواجد كل الفصائل والأحزاب في القطاع:حماس والجهاد والشعبية وفتح والديمقراطية والتيار الاصلاحي والمبادرة الخ وكلها إما تقف متفرجة عما يجري أو مشاركة في حالة الفوضى
أو تُنكر حدوث أي شيء مما ذكرنا ويعتبرونها اشاعات معادية لتشويه المقاومة وصمود الشعب.
في قطاع غزة وخلال عام من الحرب تشكلت (طبقة) إجرامية، راكمت الملايين من التجارة بالمساعدات التي يفترض أن توزع مجانا ومن خلال أموال الربا بمكاتب الصرافة ومن خلال فتح حسابات في الخارج لجمع تبرعات لا يصل منها للناس إلا القليل.
عندما تنهار المنظومة الأخلاقية والقيم الإنسانية ويغيب الهدف الوطني والمرجعية الوطنية السياسية للمقاومة والجهاد، حينها يفقد المقاومون حاضنتهم الجماهيرية ويتحولون لعصابات حتى وإن لم يقصدوا ذلك.