الفدائية شادية أبو غزالة، والتي تعتبر أول شهداء فلسطين ما بعد نكسة عام 1967، وربما هي الصدفة التي أوقعت هذه الفتاة بين دفتي النكبة والنكسة حيث ولدت سنة 1949 أي بعد النكبة بعام واحد واستشهدت عام 1968 أي بعد النكسة بعامٍ واحد.
ولدت شادية أبو غزالة في مدينة نابلس بالضفة المحتلة، وتخرَجت من المدرسة الفاطمية للبنات، درست في جامعة عين شمس المصريّة تخصص علم الاجتماع لسنةٍ واحدة’ ثم قررت إكمال تعليمها في جامعة النجاح الوطنية في نابلس.
ولم يستطع جميع أفراد أسرتها إقناعها بالبقاء في القاهرة لاستكمال تعليمها، وكانت تقول دائمًا “ما فائدة الشهادة الجامعية إذا لم يكن هناك جدار أعلقها عليه”، وبالفعل نفذت رغبتها وعادت للوطن لتكمل تعليمها فيه.
بدأت شادية أبو زالة نشاطها السياسي منذ الصغر، حيث انتسبت إلى حركة القوميين العرب التي أسسها الراحل جورج حبش ، ثم بعد عام النكسة، انطلقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وانبثقت عن حركة القوميين، فعُرفت كقياديّة وأحد مؤسسيها.
عرفت بأنّها متفوقة في دراستها، جديّة، صامتة، وتحب الأطفال “كما قيل عنها”. اشتركت شادية أبو غزالة، في عملية نسف باص “إسرائيلي” تابع لشركة “إيجد”.
كلما جرى الحديث عن نضال المرأة الفلسطينية، برز اسم شادية؛ ليس لدورها العسكري فحسب؛ بل لدورها النضالي المتكامل؛ حيث لم تفصل يوماً بين تحرير الوطن وتحرير الإنسان، ولـم تفصل بين حقول المعرفة الـمتعددة. كما عُرفت شادية، فقد آمنت بالعمل الجماعي الـمنظم، ونبذت الحلول الفردية. آمنت بأهمية الثقافة و دور الفكر، في توجيه العمل الـمسلح: “لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية”؛ الأمر الذي جعلها تنظِّم عشرات الفتيات و الفتيان، من خلال منهج تثقيفي سياسي وعسكري في آن، وتعدّهم لدور ريادي طليعي، حيث العمل الـمشترك لتحقيق حرية الوطن و المواطن
وتضمَّن البرنامج التثقيفي، دراسة خبرات شعوب العالـم في تحقيق الحرية والاستقلال، كما تضمَّن قراءة ومناقشة أمَّهات كتب الأدب العالـمي، و ركَّز على نضال الـمرأة ضد الاحتلال، و ضد التخلف الاجتماعي. و اشتمل على دراسة أساليب “حرب الشعب”، والوقفة أمام العلاقة بين التكتيك والإستراتيجية في نضال الشعوب، من أجل تحررها الوطني .
أدركت أبو غزالة أهمية العلم والمعرفة؛ رغم إصرارها على ترك الدراسة في جامعة عين شمس بالقاهرة؛ إذ كان الأساس هو الإقامة الفاعلة في الوطن؛ لا مغادرة التحصيل العلـمي. التحقت بجامعة النجاح في نابلس؛ إيماناً منها بضرورة الاتصال الـمستمر بالـمعرفة وبالعلـم، والتواصل مع جيلها وأبناء بلدها.
اكتسبت صفاتها القيادية، من خلال عملها الصامت، و صوتها الهادئ، و فكرها الثاقب، وشخصيتها الديمقراطية؛ حيث كانت تحترم الآراء الـمختلفة، و تناقش رفاقها و أصدقاءها بسعة صدر وحب و احترام، و تحزم عند الضرورة. ورغم أنها انتمت إلى تنظيم تقدمي طليعي؛ إلاّ أنها لـم تكن فئوية؛ الأمر الذي جعلها تتعاون مع غيرها من أبناء التنظيمات الـمختلفة، ومع الـمستقلين، خدمة للهدف الفلسطيني الـمشترك.
. شاركت في وقادت عدة عمليات عسكرية نفذتها الجبهة الشعبية، و كانت في بيتها تعد قنبلة لتفجيرها في عمارة “إسرائيلية” في تل أبيب، و لكنها انفجرت بين يديها، واستشهدت وكان ذلك في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1968. وباستشهادها كانت شادية أبو غزالة، أول شهيدة تسقط في تاريخ الجبهة الشعبية وفي تاريخ الثورة الفلسطينية بعد حرب النكسة.