في الدول الديمقراطية الحقيقية يمكن في الأغلب معرفة من يمثل الشغب وقياس ارادة الشعب والتعرف عليها بالملموس بعيدا عن الشعارات والايديولوجيات، حيث لا يجد المواطنون وخصوصا المثقفون وكل صاحب رأي تعارضا كبيرا بين ما يفكرون به ويمارسونه من جهة وثقافة المجتمع والمنظومة القيمية والأخلاقية من جهة أخرى، وهناك آليات ومنظومات قانونية تحفظ هذا التوازن وهذه الحريات. ولكن في عالمنا العربي حيث تغيب الديمقراطية وتسود ثقافة وعلاقة (الراعي والرعية) سياسياً، وتسود اجتماعيا ثقافة شعبية دينية أو تقليدية ماضوية تجعل تأثير الايديولوجيات والعواطف وحتى الأموات أقوى من تأثير العقل والعقلانية والقانون، وفي هذه الحالة يصبح أي حديث عن رأي الأغلبية أو ما تسمى إرادة الشعب أو الأمة لا محل له ويحتاج إلى إعادة نظر.
في كثير من الأحيان تراود المرء أفكاراً ويمارس سلوكيات اجتماعية مقتنع ومؤمن بها ولكنها تختلف عن ثقافة العامة وما تعودوا عليه، فيصطدم ويواجَه بمن يقول له (استحي على حالك) أو (عيب عليك) أو (راعي مشاعر الناس) أو ( اتقي الله) الخ والسؤال: هل يجب دائماً الخضوع إلى ما تسمى العادات والتقاليد وثقافة الشعب الدينية والتقليدية؟ والكل يعلم درجة الجهل والأمية التي تسود في المجتمع؟ وهل مطلوب من العلماء والمفكرين والمثقفين النزول إلى مستوى عامة الشعب أم رفع مستواهم من خلال ممارسة دور التنوير ومواجهة ثقافة التخلف والخضوع والخنوع باسم الدين أو باسم احترام قيم المجتمع وما درج عليه العامة و(السلف الصالح)؟
واذا كان ما هو مودود من منظومات قيمية وثقافة عامة ونظم سياسية صحيح ويعبر عن أصالتنا وتاريخنا المجيد. فلماذا الشعوب العربية متخلفة في العلوم والثقافة والتعليم والصخة والتكنولوجيا وكل مناحي الحياة؟
Ibrahemibrach1@gmail.com