جائحة الكورونا خطر حقيقي لا مجال فيه للمناكفة السياسية

31 أغسطس 2020آخر تحديث :
وقفة تأمل
وقفة تأمل

نتيجة طول أمد المواجهات ما بين شعبنا وجيش الاحتلال تشكلت سيكولوجية الإنسان الفلسطيني الذي لا يهاب الموت ويستهين بالحياة من أجل الوطن، وقد رأينا كيف يندفع المواطنون بشجاعة وخصوصاً الأطفال والشباب والصحفيون إلى مواقع المواجهة والصدام ومناطق سقوط الصواريخ لتقديم المساعدة أو لمجرد الفرجة وحب الاستطلاع وخصوصاً في قطاع غزة.

إن كانت الشجاعة ومواجهة خطر الموت والاستهتار بالحياة أمراً محموداً لأن العدو هو من يحتل الأرض ويدنس المقدسات ويحاصر الشعب فإنه ليس من الشجاعة بشيء الاستهتار بالحياة وكسر تعليمات الحظر والتباعد الاجتماعي، لأن الشجاعة في هذه الحالة ستضر المواطنين الآخرين إن كان الشخص مصاباً بالوباء، وستضره وتضر عائلته إن انتقلت له الإصابة من المخالطة.  

بالإضافة إلى الجانب السيكولوجي فإن ثقافة دينية متخلفة تسود عند قطاع كبير من الناس وتفهم وتفسر بطريقة خاطئة الدين ونصوصه المقدسة مثلا تفسير الآية الكريمة (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) وهذه الثقافة تستهتر بالقوانين الوضعية الآمرة وتتمرد على تعليمات الحظر والتباعد الاجتماعي.

والسبب الثالث يكمن في انعدام الثقة بين الشعب والحكومة، ففي قطاع غزة يشكك البعض بجدية خطر الكورونا وهذا العدد الكبير من المصابين وخصوصاً أنه قبل أسبوع فقط كانت حكومة غزة تقول بأنه لا توجد كورونا إلا في أماكن الحجر وفجأة تعلن وزارة الصحة عن وجود العشرات من المصابين وأن الوباء موجود منذ شهر على أقل تقدير، ويربط المشككون ما بين الحديث عن انتشار الجائحة وما يجري على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل وتردي واحتقان الوضع الداخلي، وهي شكوك يطرحها البعض أيضاً في الضفة فيما يتعلق بالتمديد المتواصل لحالة الطوارئ .

جائحة الكورونا خطر حقيقي ولا مجال فيه للمناكفة السياسية، الأمر الذي يتطلب تضافر جهود الجميع في مواجهتها، وخصوصية الأوضاع في غزة من حيث الكثافة السكانية والحصار وضعف التجهيزات الطبية وتردي الوضع الاقتصادي الخ قد تجعل منها المنطقة الأكثر تضرراً من الكورونا في العالم.

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق