مقابلة مع صحيفة الحرية الجزائرية حول المبادرة الجزائرية

17 مارس 2022آخر تحديث :

•فشلت محاولات سابقة في رأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية. ما هي

حظوظ تجاح مبادرة الجزائر في حل الخلافات وما هي نقاط قوتها.

  •  لو تقدمت الجزائر بمبادرتها قبل سنوات لكانت حظوظ النجاح أقوى، ولكن بعد سنوات من الانقسام تكرست أوضاع جعلت المشهد أكثر تعقيداً، ولكن للجزائر وضع خاص يختلف عن وضع الدول الأخرى التي تدخلت في ملف المصالحة وأوراق قوة الجزائر متعددة منها :
  • 1-    المواقف التاريخية للجزائر بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وبالتالي فإن تدخلها يعبر عن نوايا صادقة بمساعدة الفلسطينيين وليس لها مصالح خاصة
  • عدم الانحياز لطرف فلسطيني على حساب الأطراف الأخرى
  • 3-    التجربة التاريخية النضالية للجزائر في مواجهة الاستعمار الفرنسي ومرور المقاومة الجزائرية بحالات شبيهة بالحالة الفلسطينية من حيث تعدد الفصائل المقاتلة واختلاف توجهاتها
  • 4-     تحظى الجزائر بحب واحترام جميع الأحزاب الفلسطينية.

•هل تعتقد أن قبول الأطراف الفلسطينية بمبادرة الجزائر هو رغبة في

الخروج من حالة الانسداد التي طال أمدها وفي نفس الوقت إبعاد القضية

عن الدوائر الواقعة تحت التأثير الإسرائيلي.

  •  مكان حوارات المصالحة سابقاً ليس السبب الرئيس في فشلها ، صحيح أن بُعد الجزائر عن مراكز التأثير الأمريكي والصهيوني يجعلها في موقف قوة ولكن  هذا البُعد نفسه قد يكون موقف ضعف لأن بعض ملفات المصالحة تحتاج لتفاهمات مع إسرائيل والجهات الدولية المانحة للفلسطينيين وإلى موافقة مصرية وأردنية لأنهما منفذ الأراضي الفلسطينية للعالم الخارجي. وبالنسبة لقبول الفصائل بالمبادرة فلأنهم لا يستطيعون رفضها احتراماً للجزائر من جانب ولأنهم يمرون بأوضاع صعبة وطريق مسدود وفشل كل طرف في انجاز تقدم في مشروعه – مشروع المقاومة بالنسبة لحركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى ومشروع السلام والدولة بالنسبة لحركة فتح-  كما أن رفض أي طرف فلسطيني للمبادرة سيُظهره  وكأنه لا يريد المصالحة، كما أن الشعب يريد المصالحة وأصبح يحمل الأحزاب المسؤولية عن استمرار الانقسام .

• الجزائر كانت دائما حاضرة في القضية الفلسطينية، لكن بعض

الأطراف تقول إن هذه المبادرة الجزائرية هي خطف الملف من مصر

التي استأثرت بموضوع المصالحة

  • لو نجحت الجهود المصرية في انجاز المصالحة ما كان هناك مبرر لمبادرة جزائرية، ولكن الجزائر تقدمت بمبادرتها بعد مرور أكثر من 15 سنة من الانقسام ومن الجهود المصرية بدون نتيجة، بل خلال هذه السنوات ترسخ الانقسام أكثر وتدهورت القضية الفلسطينية لدرجة استفزت واستنفرت كل أحباء فلسطين لمحاولة مساعدة الفلسطينيين، ومن هنا جاء التحرك الجزائري, كما لا يوجد صراع نفوذ بين مصر والجزائر أو لأي منها أجندة متعارضة مع الأخرى.

ونعتقد بوجود إمكانية لتظافر الجهود المصرية والجزائرية في هذا الملف من خلال مبادرة مشتركة يتم فيها توظيف التجربة المصرية في ملف المصالحة وما تتمتع به مصر من خصوصية جيوسياسية بالنسبة لفلسطين مع الافكار الجزائرية وما تتمتع به الجزائر من علاقات خاصة مع الفلسطينيين .

• هل أنت متفائل باجتماع الجزائر.

  • في السياسة يجب دائما فتح باب التفاؤل، ولكن القضية معقدة وشائكة، وهذا يتطلب منا توضيح مفهوم المصالحة ومفهوم الانقسام لأنه يتم استعمال مصطلح المصالحة وكأن المشكلة مجرد خلاف بين حركتي فتح وحماس وبمصالحتهم ينتهي الانقسام، بينما الأمور أكثر تعقيداً لأن الانقسام مشروع صهيوني لتدمير المشروع الوطني وفيه تم توظيف أطراف فلسطينية، بوعي منها أو بدون وعي كما تدخلت أطراف وأجندة خارجية أججت الخلافات الفلسطينية كجماعة الإخوان المسلمين وقطر وتركيا وإيران كما تشعب الانقسام وتعددت تمظهراته ايديولوجياً وسياسياً واجتماعياً بالإضافة إلى الفصل الجغرافي بين غزة التي تحكمها حماس والضفة التي تحكمها حركة فتح وإسرائيل التي تحتل المنطقتين، وبالتالي فمصالحة وتوافق الأطراف الفلسطينية سيحل بعض المشاكل وسيجعل الفلسطينيين أكثر قوة في مواجهة المخطط الصهيوني، وفي هذا السياق يمكن الحديث عن عدة ملفات تشكل موضوع الانقسام ويحتاج كل منها لمصالحة وتوافق فلسطيني وهي :
  • 1       – منظمة التحرير
  • الانتخابات
  • استراتيجية وطنية حول المقاومة والسلام
  • حكومة الوحدة الوطنية

  ومجرد نجاح الجزائر في جمع الاطراف الفلسطينية مرة أخرى يُعتبر انجازا، وتفكيك الملفات والنجاح في عمل اختراق في بعضها يعتبر انجازا، المهم ألا يتم الإعلان عن الفشل في الجزائر.

• ما هي العراقيل التي يمكن أن تفشل المبادرة وكيف يمكن تجنبها

  • التحدي الأكبر هو إسرائيل المستفيدة من الانقسام وبقاء الأمور على حالها، والتدخلات الخارجية من دول لها اجندة سياسية مثل قطر التي كانت وما زالت عراب الانقسام، أيضا إيران وتركيا، بالإضافة إلى جزء من الطبقة لسياسية الفلسطينية الفاسدة والحاكمة في غزة والضفة مستفيدة من الانقسام . وهذه العراقيل يمكن مواجهتها أو التقليل من تأثيرها لو تحققت الوحدة الوطنية وتوافق الفلسطينيون على استراتيجية وطنية وأعادوا تصويب علاقاتهم مع المحيط العربي والإسلامي.

ولضمان نجاح المبادرة يجب عدم  اقتصار جلسات الحوار على الأحزاب وهي احزب مأزومة ومقيدة بأجندة خارجية بل يجب إشراك شخصيات وطنية مستقلة وبعض ممثلي المجتمع المدني.

• كيف تتصورون الخارطة السياسية الفلسطينية؟

  • للأسف إن لم تحدث مصالحة ووحدة وطنية فالأمور متجهة لتكريس فصل غزة عن الضفة ودولنة قطاع غزة وفصله نهائيا عن فلسطين وعن المشروع الوطني وربما استدعاء قوات دولية للمرابطة على حدوده مع إسرائيل. وفي الضفة سيستمر تآكل السلطة الفلسطينية وانتشار حالة فوضى وانفلات أمني مع تزايد وتيرة الاستيطان والتهويد، وهناك مؤشرات على عودة دور مصري في قطاع غزة ودور أردني في الضفة، وكل ذلك على حساب المشروع الوطني التحرري.

• من تكون الشخصية الأكثر اقتدارا على خلافة محمود عباس؟

  • لا توجد شخصيات وطنية مقتدرة ومحل قبول شعبي لتحل محل الرئيس أبو مازن ولكن هناك شخصيات تهيء نفسها لخلافة الرئيس ولكنها مرفوضة شعبيا لقربها من إسرائيل أو لأنها محسوبة على أجندة غير وطنية، وفي اعتقادنا أن لا احد من الطبقة السياسية سواء في غزة أو الضفة تحظى بقبول شعبي، والحل هو انتخابات عامة على كافة المستويات، والشعب يتحمل مسؤولية اختياره.

• ما الذي يمكن انتظاره من القمة العربية في الجزائر؟

  • ليس الكثير لأن العرب منشغلون بقضايا تراها الانظمة أكثر اهمية من فلسطين، ولكن يمكن للقمة بحث مسألة التطبيع مع إسرائيل ومحاولة وقفه وإدانته، تفعيل شبكة الامان المالي التي سبق اعتمادها لدعم السلطة الفلسطينية، التأكيد على المبادرة العربية للسلام، بحث مخاطر التغلغل الإسرائيلي في العالم العربي من خلال ما يسمى اتفاقات (السلام الإبراهيمي)، وضع استراتيجية أو رؤية مشتركة  للتعامل مع الفلسطينيين ووقف التدخلات المنفردة التي تؤجج الخلافات الفلسطينية. وفي حالة نجاح الجزائر منفردة أو بتنسيق مع مصر التوصل لصيغة مصالحة فلسطينية أن يتم عرضها على القمة لتبينيها رسميا لتصبح مبادرة عربية يتم فرضها على كل الاطراف الفلسطينية ومقاطعة ومعاقبة الجهة الفلسطينية التي ترفض تنفيذها.

• لماذا توقف مسار المصالحة الفلسطينية؟

  • لقد تم التوصل لاتفاق مصالحة في عام 2011 في القاهرة وتم التأكيد عليه في الدوحة 2012 ولم يتم تنفيذه واتفاق آخر في القاهرة في اكتوبر 2017 ولم يتم تنفيذه وبعدها تفاهمات في استنبول ثم في القاهرة وكان لها نفس المصير، وتوقفت المسار لسببين: –
  • الاول خاص بالفلسطينيين أنفسهم لغياب الارادة في المصالحة عند حركتي فتح وحماس وانعدام الثقة بينهم ولأن قوة الطبقة السياسية المستفيدة من الانقسام والمرتبطة بأجندة غير وطنية أكثر قوة وتأثيرا من الإرادة الشعبية بالمصالحة، أيضا غياب حالة ضغط شعبي على الأحزاب. كما أن حركة حماس ما زالت متمسكة بمشروعها الإخواني الإسلامي وهذا المشروع يعتبر السيطرة على القطاع انجازا وخطوة نحو الدولة أو الخلافة الإسلامي وخصوصا أن سيطرة حماس على القطاع عام 2007 جاء في زمن صعود الإسلام السياسي، بينما حركة فتح والتيار الوطني  ينظرون له كهزيمة للمشروع الوطني الذي لا تعترف به حركة حماس، وإن أخذت في الفترة الاخيرة تستعمل مفرداته وتتحدث باسمه .
  • والثاني لغياب القدرة والإرادة عند الوسيط المصري في فرض اتفاقات المصالحة وأيضا مصر تهتم بأمنها القومي الذي له الأولوية على غيره من الملفات والقضايا ، كما أن مصر لا تستطيع أن تقف في مواجهة الارادة الاسرائيلية والأمريكية في الحفاظ على الوضع القائم الذي يخدم مصالحهما

• على أي أساس يمكن أن تبنى عليه مفاوضات المصالحة في

الجزائر؟

  • المصلحة الوطنية المشتركة بالمصالحة ووحدة الشعب الفلسطيني واستمرار صموده ورفضه للاحتلال، وأن الانقسام الفلسطيني يسيء للفلسطينيين ويؤثر على الأمن القومي العربي لأنه يسمح لأطراف خارجية التدخل في الشأن الفلسطيني والعربي  ويسمح لإسرائيل بالتوغل في المنطقة، ويمكن الاستفادة مما تم انجازه في حوارات القاهرة، وفي اعتقادنا أن الجزائر يمكنها تحقيق اختراق في ملف منظمة التحرير ولو ركزت الجزائر على ملف المنظمة بحيث تُعيد استنهاض وبناء المنظمة فهذا يعتبر انجاز استراتيجي، وفي حالة النجاح في إعادة تأسيس المنظمة لتجمع الكل الفلسطيني يمكن التفرغ لحل بقية المشاكل والقضايا العالقة.

• مبادرة الجزائر تأتي في سياق جيوسياسي مغاربي متوتر

فتونس تعاني من مشاكل داخلية وليبيا ابتعدت خطوات عن الاستقرار بعد

فشل تنظيم الانتخابات في أجلها وهناك قطع العلاقات الديبلوماسية بين

المغرب التي يرأس ملكها لجنة القدس والجزائر صاحبة مبادرة هل تظن

أن الأطراف العربية على اختلاف توحهاتها ومشاربها ستقبل أن تحقق

الجزائر نجاحا ديبلوماسيا يكون لبنة في إعادة بناء البيت العربي

*لا شك أن المصالحة الفلسطينية تحتاج إلى أكثر من اجتماع لتذليل كل

الصعاب والخلافات وهذا يعني أن مآل الجولات الأولى مهما كانت سوف

يكون مبررا لمواصلة العمل إلى غاية تحقيق الغاية المنشودة.

  • لا شك أن القضية الفلسطينية كانت تاريخيا وما زالت ورقة عند بعض الدول والقوى السياسية عربيا وإسلاميا وتوظَف لخدمة مصالح هذا الطرف أو ذاك، وبعض الدول لن يعجبها نجاح الجزائر في انجاز مصالحة، ولكن إن نجحت المبادرة الجزائرية وتم تحويلها لمبادرة عربية فستجد تأييدا شعبيا في جميع الدول العربية ونحن نعلم أن الشعوب العربية مؤيدة لفلسطين وليست على دين ملوكها سياسيا، وإعادة بناء البيت العربي يأتي بمراكمة انجازات صغيرة ويمكن للقضية الفلسطينية ان تكون أحد هذه الانجازات، وفي جميع الحالات فالجزائر لا تنتظر شكرا من أحد لأنها تعمل بنية صادقة من أجل فلسطين التي يُعلن جميع العرب تأييدهم لها وفلسطين ووحدة شعبها تستحق المحاولة تلو المحاولة، كما تكتسي المبادرة الجزائرية أهميتها وضرورة الآن لأن العالم يمر بتحولات خطيرة بسبب ما يجري في  أوكرانيا وقد يؤثر ما يجري من صراع بين روسيا والغرب على منطقة الشرق الأوسط وخصوصا فلسطين، وإسرائيل تملك القدرة على توظيف التحولات الدولية لصالحها أكثر من الفلسطينيين والعرب.

إبراهيم أبراش

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق