لصحيفة الراية القطرية – د ابراش نأمل أن تدعمنا القمة العربية المرتقبة وألا تسفر عن قرارات مبهمة

9 ديسمبر 2016آخر تحديث :

تاريخ النشر: الأربعاء30/1/2008, تمام الساعة 10:31 صباحاً بالتوقيت المحلي لمدينة الدوحة

د. إبراهيم ابراش وزير الثقافة الفلسطيني ل الراية

• الدور القطري مهم من أجل توحيد المواقف الفلسطينية ورأب الصدع الداخلي
• بوش صفعنا بعقر دارنا.. وإقامة الدولة المستقلة من وحي أفكاره!
• درويش والقاسم وغيرهما من رموزنا الثقافية لم يتخلوا عن هويتهم الفلسطينية بالجواز الإسرائيلي
• نواجه خروقات اسرائيلية لتهويد ثقافتنا ونأمل دعماً للقدس عاصمة ثقافية عام 2009
• الخطاب الثقافي لحماس عمق لفكر التحريض والتكفير والتخوين

القاهرة – الراية – هالة شيحة وإبراهيم شعبان: حذر وزير الثقافة الفلسطيني د. ابراهيم ابراش مما سماه الاختراق الثقافي الذي تقوم به حركة حماس وتنفذه لصالح جهات خارجية مؤكداً ان المشروع الوطني لابد ان يرتفع عن الهموم الايديولوجية والانتماءات السياسية للفصائل الفلسطينية.
وحذر من خطورة الحفريات الاسرائيلية في بلدة القدس العربية مشيراً الي ان اليهود قاموا ببناء مجسم صغير للهيكل تحت المسجد الاقصي مما يعرض المسجد للانهيار في أي لحظة بسبب الحفريات المتواصلة وطالب العرب بأن يتصدوا بقوة للمشروع التهويدي في القدس المحتلة وأن يشاركوا في فعاليات القدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009.
وأشار الوزير د. ابراش في حواره ل الراية الي ان اعتراضات كبار المثقفين الفلسطينيين وفي مقدمتهم د.ادوارد سعيد علي عملية التسوية لا يعني ان مشروع السلام فاشل وحمل في الوقت ذاته حركة حماس مسؤولية التدهور الاخير بالاراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكد د.ابراش ان حماس لم تخترع مشروع المقاومة فالمشروع قام علي يد فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية في أواسط الستينيات، مشدداً علي ان الحفاظ علي الهوية الفلسطينية أهم بكثير من القاء بضعة صواريخ لا تسمن ولا تغني علي البلدات الاسرائيلية.
وأشاد الوزير الفلسطيني بالدور القطري الداعم لفلسطين والقضايا العربية.
وقال: ان قطر تحظي بوضع متميز من حيث علاقاتها بالدول العربية وكذلك علاقتها مع الولايات المتحدة الامريكية ومع حركة حماس وأري أن العمل علي احداث علاقات متوازنة بين حركة حماس وبين الرئاسة الفلسطينية سيعطيها مزيداً من الدور الفاعل ونأمل ان تقوم قطر بهذا الدور من أجل وحدة الموقف الفلسطيني بالداخل وبرأيي ان قطر يمكنها ان تقوم بهذا الدور باقتدار خلال الفترة المقبلة.
واستعرض وزير الثقافة الفلسطيني كافة الملفات السياسية والثقافية المثارة علي الساحتين الفلسطينية والعربية فكان هذا الحوار:
كيف تري المشهد الثقافي الفلسطيني في الوقت الراهن والصعوبات التي تقابل وزارة الثقافة الفلسطينية؟
– بالتأكيد مشهد صعب وهناك تحديات كبيرة امامه فبالاضافة لتحدي الاحتلال والسيطرة علي الارض واحتلال غزة هناك التحدي الثقافي لأن اسرائيل كما يعلم الجميع تحتل الارض لكنها تعمل ايضاً علي الغاء هويتنا الوطنية ونفي تراثنا الوطني وبالتالي فوجود اسرائيل علي حساب وجودنا الوطني ثم جاءت أزمة الحصار علي مناطق السلطة والوضع الاقتصادي ليصعب العمل الثقافي ويصبح معضلة كبري وبعدها احداث غزة الاخيرة التي لا نعتبرها فقط انقلاباً عسكرياً لحركة حماس بل اختراق ثقافي ينبغي مواجهته والحقيقة انه لو كانت ثقافتنا الوطنية حقنا وشاغلنا الاساسي لما تم اختراقها من قبل أي جماعة من الجماعات سواء جماعات داخلية او خارجية ولما أصبحنا في مواجهة تحديات خطيرة احتلالية واقتصادية هذا الي جانب مشكلة جماعات لا تعترف بالمشروع الوطني ولا بالهوية الفلسطينية الامر الذي يجعلنا اليوم في أمس الحاجة لاستراتيجية ثقافية لا تقل أهمية عن الاستراتيجية الامنية والسياسية والواجب ان نحصن شعبنا ضد الاختراق.
والحكومة الفلسطينية الحالية برئاسة د.سلام فياض في حاجة الي دعم في ظل التحديات الثقافية والسياسية والاقتصادية التي تواجهها
تحدثت عن وجود اختراق ثقافي في قطاع غزة بالرغم من ان كثيراً من المحللين يعتبرون حركة حماس جزءاً من الهوية الفلسطينية فكيف يكون هذا الاختراق؟
– أقصد بذلك عندما نتكلم عن مشروع وطني فلسطيني فإننا نتكلم عن ثقافة وطنية تعني تغليف البعد الوطني واعطاءه الاولوية بعيداً عن أي أبعاد أيديولوجية أخري وهذا لا يعني تغييب الدين فالدين جزء من ثقافتنا الوطنية أو تغييب الثقافة العربية فهي جزء من ثقافتنا الوطنية ولكن هناك عملية ترتيب أولويات في ظل وجود تهديد للوطن والوجود الفلسطيني بأكمله!
فحركة حماس جزء من المجتمع الفلسطيني فقد فازت بالانتخابات ولكنها الي الآن تغلب مشروعها الخاص الديني ولا يوجد في ممارساتها او برامجها أي بعد وطني وفي كثير من الحالات فإن حركة حماس يتصدر البعد الديني عن البعد الوطني وهذا يظهر واضحاً في اعتراف قادتهم بأنهم امتداد لجماعة الاخوان المسلمين وهذا ما يتطلب صياغة العلاقة ما بين الديني والوطني والقومي علي أساس اعطاء الاولوية للبعد الوطني فالخطر الاساسي في فلسطين هو كيف نحافظ علي الارض والهوية والثوابت الوطنية وهذا سبب التناقض بين المشروع الوطني ومشروع حركة حماس.
كيف تري التحركات العربية ومنظمة اليونسكو تجاه الآثار والتراث الفلسطيني؟
– بالنسبة للآثار والتراث الفلسطيني بشكل عام فإنه محل تهديد خطير للغاية فإسرائيل تعمل علي تشويه التاريخ وإعادة كتابته بشكل مشوه يؤكد أطروحاتهم بأنه لا يوجد شعب فلسطيني وبالتالي فكل شيء أصوله يهودية ! لذا يقومون دائماً بعمليات حفرية متواصلة فهم لم يتركوا شبراً في الضفة الغربية او في فلسطين الا ونقبوا تحته تحت ادعاء ان به آثاراً يهودية ولكنهم دائماً ما يجدون ما يؤكد اسلامية فلسطين وعروبتها وعندما يعلمون بوجود منطقة بها آثار قديمة يقومون بالاستيلاء عليها ويدعون انها منطقة أمنية ويمنعون الفلسطينيين من الوصول اليها حتي ينفردوا في الاستيلاء عليها ويزعموا انها آثار يهودية وهي في جميع الحالات آثار إسلامية او عربية او حتي رومانية وحتي المأكولات الشعبية الفلسطينية والزي الفلسطيني زعموا في الخارج انها خاصة بهم وهنا نستعين بالمنظمات الدولية المعنية بالتراث مثل اليونسكو التي تخصص جزءاً من دعمها للتراث الفلسطيني لكن علينا الا ننتظر من هذه المنظمات الدولية ان تكون فلسطينية اكثر من فلسطين فعلاقاتنا جيدة مع اليونسكو والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وهناك مشاريع تنجز سواء في القدس او غيرها ونحن نقدر الدعم الذي يقدمونه لنا.
وهناك جانب آخر يحتاج الي دعم من كافة مسؤولي الثقافة وهو المحافظة علي الهوية الفلسطينية لفلسطييني الشتات وهي مسؤولية تقع علي عاتق وزارة الثقافة الفلسطينية ومنظمة التحرير والحكومة الحالية.
برأيك هل أثرت حركة المقاومة في حركة التأليف والابداع داخل فلسطين؟
– بالرغم من كل المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني بسبب الاحتلال وبسبب الشتات فإذا نظرنا الي أهم الجامعات ومراكز الابحاث في العالم سنجد ان الفلسطينيين من أفضل الكوادر العقلية والعلمية الموجودة بها والابداعات الفلسطينية موجودة وبقوة من المؤكد ان واقع الاحتلال والمشاكل الداخلية الفلسطينية قد اثرت في الثقافة خصوصاً بعد اقحام السياسة في الثقافة وأصبحت العملية السياسية تتداخل مع الانشطة الثقافية وتؤثر في العمل الثقافي وهذا أمر نحاول ان نتجنبه بقدر الامكان فإذا كانت السياسة هي عالم الاختلاف فالمفترض في الثقافة ان توحد كل الفلسطينيين ومن الممكن ان نختلف في السياسة ولكن يجب الا نختلف في الثقافة الوضعية ولذا نعمل من خلال وزارة الثقافة الفلسطينية والمثقفين علي ان تقوم الثقافة بإصلاح اخطاء السياسة قدر الامكان من خلال البحث عن قواسم مشتركة بمعني انه يمكن ان نختلف في البرامج السياسية لكن لا يجوز ان نختلف في الهوية والانتماء فللأسف ما يحدث في الواقع أن الامور الثقافية تتداخل مع الامور السياسية بطريقة إكراهية لكن من خلال امكانياتنا المتواضعة نحاول ان تكون الثقافة عاملاً موحداً للفلسطينيين بحيث تصب جهود كل المثقفين في خدمة الهوية الوطنية
وماذا عن الدور الذي تقوم به وزارة الثقافة الفلسطينية والانشطة التي تتولاها وتقوم برعايتها؟
– وزارة الثقافة في فلسطين دورها كأي دور وزارة ثقافة اخري في أي بلد لا تقوم بإنتاج الثقافة وليس مطلوباً منها ذلك وانما ترعي وتدعم الفعل الثقافي بالنسبة للكتاب والفنانين وغيرهم ولقد أنجزنا العديد من المشاريع الثقافية فمثلاً قمنا بإنشاء اكثر من 200 مركز ثقافي في ربوع الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة و75 مكتبة أطفال ونمدها دائماً بالكتب كما تقوم الوزارة بنشر كتب لمؤلفين فلسطينيين وفي كل عام نقوم بطباعة ونشر عدد كبير من الكتب علي حساب وزارة الثقافة كما ان هناك مشاريع بالتنسيق مع العديد من الجهات الداعمة والمانحة ولدينا المنحة النرويجية التي نقوم من خلالها بإقامة ودعم العديد من المشاريع الفنية والادبية في القدس والضفة وغيرهما ونقوم ايضاً بإقامة العديد من معارض الكتب في كل مكان داخل فلسطين وخارجها وفي شهر سبتمبر الماضي كان هناك المعرض الفلسطيني الاول لأدب الاطفال في مدينة رام الله ومن خلال دور النشر المشاركة احضرنا اكثر من 120 ألف عنوان وقامت الوزارة بشراء كم كبير جداً من هذه الكتب وقمنا بتوزيعها علي المراكز الثقافية في كافة محافظات الوطن اما الآن فنحن نستعد لإقامة العديد من المشاريع الثقافية في إطار مشروع القدس عاصمة الثقافة العربية عام 2009.
وماذا عن المشاركة الفلسطينية في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام ؟ وهل واجهتكم صعوبات في ظل سياسة الحصار الاسرائيلي واغلاق المعابر؟
– في الواقع ان الصعوبات تواجهنا في كل الاوقات خاصة في ظل التعنت الاسرائيلي ولم يكن وجودنا في مصر هنا بسهولة بل قابلتنا معوقات كثيرة حتي وصلنا الي هنا وكذلك فيما يتصل بإخراج الكتب والمطبوعات التي نشارك بها في المعرض حتي اننا اذا خرجنا بها لا نستطيع الرجوع بها مرة اخري الي فلسطين ايضاً لم نستطع ان نشركمعنا الكثير من الرموز الثقافية الفلسطينية خاصة من قطاع غزة حيث قوبلنا بالرفض من قبل اسرائيل ولم يتمكن نائب الهيئة العامة للكتاب في غزة من المشاركة هذا العام في عرس القاهرة الثقافي وهو المعرض الدولي للكتاب فمنذ ان حدث الحصار علي غزة واسرائيل تحول دون مشاركة مثقفي غزة في أي فعاليات اقليمية او دولية.
وماذا عن الاستعدادات الفلسطينية لمشروع القدس عاصمة الثقافة العربية 2008 في ظل الادعاءات الاسرائيلية المتواصلة حول يهودية مدينة القدس؟
– اعتقد انه من المهم للغاية تأكيد الهوية العربية لمدينة القدس خصوصاً انه نفس العام الذي اكدت فيه اسرائيل انها ستعلن القدس عاصمة لدولة اسرائيل ويهودية الدولة وبالتالي فنحن أمام تحد كبير لنثبت الهوية وأن القدس عاصمة للثقافة العربية وعاصمة الدولة الفلسطينية واسرائيل لن تسمح لنا بالتاكيد بإقامة كل الانشطة الثقافية التي كنا نود فعلها من خلال العديد من الفعاليات وادراكاً منا لهذا التحدي تم تشكيل لجنة وطنية برئاسة الرئيس ابو مازن حتي نستطيع من خلال عناصر هذه اللجنة ومن بينهم عناصر نشطة في منظمات المجتمع المدني الذين يعيشون في القدس علي التحايل علي اجراءات القمع الاسرائيلية والقيام بأنشطة ثقافية داخل القدس ونحن نعول كثيراً علي أشقائنا العرب في إنجاح هذه الاحتفالية وقد اقترحنا في الاجتماع الاخير لمجلس وزراء الثقافة العرب في الجزائر ان تقوم كل دولة بتبني مشروع تأسيسي في مدينة القدس مسرح ، سينما ، معرض او أي مشروع ثقافي ولذا سيصبح لدينا نحو 20 مشروعاً وتحدثت مرة اخري عن الاعداد لهذا الحدث مع وزير الثقافة السوري في دمشق قبل أيام والذي رحب بالفكرة وأيضاً مع السيد المنجي ابو سنينة مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ورحب بالفكرة وهناك انشطة ستكون في فلسطين وخارجها فنحن سنقوم بنقل فعاليات مدينة القدس الي العديد من العواصم العربية.
وماذا عن الدور الاعلامي في هذا الصدد خصوصاً انه جري الحديث عن استراتيجية اعلامية موحدة للتعامل مع قضية القدس؟
– نحن لا نفصل الاعلام عن هذه الاحتفالية فالاعلام العربي له دور موحد وفاعل فالقدس عاصمة الثقافة العربية كفكرة ووسائل التعبير عنها ينبغي ان تتاح لكل مواطن عربي في كل العواصم العربية والاسلامية فأقل شيء اذا كانت الدول العربية غير قادرة علي التدخل عسكرياً لتحرير القدس فينبغي ان نحافظ عليها في القلب والوجدان ليتعرف كل مواطن عربي علي الاماكن المقدسة وهناك فعاليات عديدة منها أفلام تسجيلية ومسابقات ومعارض ومجسمات حول القدس ستستمر طوال العام.
هناك تحذيرات فلسطينية بشأن الحفريات الاسرائيلية المتواصلة في مدينة القدس فكيف تري خطورة ذلك وكيف يمكن التصدي لهذه الحفريات؟
– منذ ان قامت اسرائيل باحتلال القدس بدأت عملية الحفريات خصوصاً تحت اساسات المسجد الاقصي لأنهم يدعون ان الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الاقصي، وكون الحفريات تحت اساسات المسجد فهذا يوضح خطورة الممارسات التي يقوم بها الاسرائيليون، فالهدف هو جعل اساسات المسجد هشة كي تنهار في اي وقت وعندئذ لن يسمحوا لنا بإعادة بنائه!
وقد حذر العديد من الفلسطينيين العاملين في القدس من انهياره، وفي الفترة الاخيرة، هناك احاديث عن انهم بنوا نموذجاً مصغراً للهيكل تحت المسجد وكما تعلموا فقد اصبحوا يحددون مواقيت الصلاة داخل المسجد وهذا أمر بالغ الخطورة , فالقدس مهددة ليست فقط كمسجد ولكن كوجود حضاري عربي.
كتب العديد من المثقفين عن تربية العنصرية في مناهج التعليم الاسرائيلية وفي المقابل فإن اسرائيل تدعي ان مناهج التعليم الفلسطينية تحرض علي العنف والارهاب؟ ما رأيك؟
– هناك فرق كبير بين مناهج التعليم الاسرائيلية وما تبثه من عنصرية وبين مناهج التعليم الفلسطينية التي تم تجديدها منذ سنوات بمعرفة العديد من الخبرات الاجانب وبإشراف جهات دولية اما بالنسبة للاسرائيليين، فالأمر مختلف لأنهم يعملون علي بث الكراهية من منطلق انهم يعتبرون كل من هو غير يهودي من الاغيار يباح دمه ويباح حياته وأراضيه والعنصرية واضحة ويكفي تكرارهم لمقولة الدولة اليهودية ومحاولة نفي والغاء هوية اكثر من خمسة ملايين فلسطيني.
في المقابل فقد طرحنا منذ سنوات طويلة فكرة اقامة دولة ديمقراطية علي كامل التراب الفلسطيني يتعايش فيها اليهودي والمسيحي والمسلم وهي مقولة نؤمن بها الي الآن فنحن نسعي للتعايش المتبادل ولا نلغيهم , لكن في مقابل هذا الطرح الحضاري نواجه بعنصرية اسرائيلية سافرة وهذه العنصرية ليست موجهة ضد فلسطين الضفة وغزة فقط ولكن ضد فلسطين الداخل عرب 1948 فبالنظر الي نسبة عدد السكان الفلسطينيين بالمقارنة بعدد السكان الاسرائيليين ووجودهم بالجامعات والمراكز والمعاهد البحثية ستجد ان الوجود الفلسطيني اقل كثيراً من الوجود الاسرائيلي هذا فضلاً عن التمييز في مختلف اماكن العمل وعلي كل المستويات رغم انهم يحملون الجنسية الاسرائيلية ولكن لا يعاملون بنفس الدرجة التي يعامل بها المواطن الاسرائيلي اليهودي.
وكيف تتعامل وزارة الثقافة الفلسطينية مع المثقفين مزدوجي الجنسية خصوصاً ان منهم اسماء وعلامات كبيرة في الشعر والرواية امثال محمود درويش وسميح القاسم؟
– الجنسية الاسرائيلية فرضت عليهم لأنهم اصبحوا يشكلون اقلية في وطنهم الاصلي فكان لابد ان يحملوا هوية ويحملوا جواز سفر فلم يكن امامهم الا ان يحملوا الجنسية الاسرائيلية وهذا لا يعني انهم تخلوا عن هويتهم فالورقة او الوثيقة التي حصلوا عليها كانت بغرض العمل والتنقل ليس الا، وبالتالي نلاحظ ان هناك رموزاً في الساحة الثقافية الفلسطينية يحملون الجنسية الاسرائيلية ويكفي ان نذكر بما حدث في الانتفاضة الاولي عندما قاموا بمسيرة داخل اسرائيل واستشهد 13 فلسطينياً وهذا يؤكد هويتهم الفلسطينية الاصلية وبالتالي فهم يقدمون شهداء كما هو الحال في الضفة و غزة فنحن لا نفرق بين فلسطينيي الضفة وغزة والذين يعيشون داخل اسرائيل.
انتقد العديد من كبار المثقفين الفلسطينيين واشهرهم الدكتور ادوارد سعيد عملية السلام التي يقوم بها الفلسطينيون في كتاب شهير بعنوان سلام بلا أرض فكيف تري الانتقادات الفلسطينية لعملية التسوية؟
– عندما وقع اتفاق اوسلو كانت هناك معارضة كبيرة وكان الراحل الكبير الدكتور سعيد من رموز المعارضة آنذاك والذي عبر عن موقفه ثقافياً وفكرياً ومعه كثير من الكتاب، ولكن هذا لا يعني ان الخطأ يكمن في فكرة التسوية، فقبل ان اكون وزيراً انا كاتب واستاذ جامعي وانا مع فكرة السلام ولابد ان نميز بين وجود مشروع للسلام قائم علي الثوابت الوطنية ومنها اقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة، القدس عاصمة لها وعودة اللاجئين الفلسطينيين وبين المفاوضات الآنية للوصول الي السلام، والمفاوضات الجارية ليست سلاماً بل هي طريق للسلام وحتي هذه اللحظة فنحن لا نزال شعباً تحت الاحتلال وهناك مشروع للتسوية اعتماداً علي اتفاقية اوسلو وغيرها ولكنني لا يمكن الحديث عن السلام الا بعد تنفيذ هذه الاتفاقيات واسرائيل الآن لا تلتزم بهذه الاتفاقيات وهذا معناه اننا لا نزال تحت الاحتلال ولم ننجز السلام، وبالنسبة للتخوفات التي طرحها ادوارد سعيد وغيره فهي تطرح وبشكل جاد جداً داخل السلطة لكن هذا لا يدفعنا للتراجع عن مشروع السلام، لأن اسرائيل تريد ان تخرج من عملية التسوية لتقول ان الفلسطينيين لا يريدون القدس وعندما قيل للرئيس أبو عمار ان هناك انتقادات لاتفاقية اوسلو فرد بما معناه اذا كان عندهم انتقاداً واحداً فعندنا في السلطة الف انتقاد، فقد كان يعرف خطورة الوضع ويعرف الخبث اليهودي ولكن يجب ان تتاح الفرصة للعمل السياسي.
كيف تري جدوي العمل السياسي ومؤتمر انابوليس والمؤتمرات اللاحقة للوصول الي تسوية؟
لا يمكن ان يكون هناك شعب تحت الاحتلال ولا توجد له قيادة سياسية تدير اموره المشكلة الآن لا تكمن في العمل السياسي واذا كان البعض يري ان المفاوضات غير مجدية ويجب ان نخرج منها… فإلي أين؟
– البعض يقول: مشروع المقاومة، لكن هنا ينبغي ان نذكر ان مشروع المقاومة لم تأت به بعد حركة حماس ولكن اتت به حركة فتح ومنظمة التحرير منذ 1964 وقد جربنا العمل العسكري منذ عام 1965 حتي التسعينيات وهي تمارس العمل المسلح.
هل تعرض مشروع المقاومة لبعض الشروخ بعد استيلاء حركة حماس علي قطاع غزة؟
– بالتأكيد ولابد ان نميز بين مبدأ الحق في المقاومة وبين ما يمارس باسم المقاومة فحيثما وجد الاحتلال فهناك الحق في المقاومة وكل الشرائع السماوية والدنيوية تقر بذلك لكن السؤال كيف تمارس المقاومة ومن يقاوم… وكيف؟
فالخلاف ليس حول مبدأ المقاومة ولكن حول اولويات وطرق المقاومة، فثقافة المقاومة موجودة ولا يمكن ان تنتهي الا بنهاية الاحتلال لكن يجب ان نحدد مفهوم المقاومة ؟ ماذا تعني المقاومة؟
– فجريمة ان نختزل المقاومة في اطلاق بعض الصواريخ , فهي اشمل من ذلك فهناك مقاومة ثقافية وعسكرية وسياسية والعمل العسكري شكل من اشكال المقاومة وهذا هو الخلل الموجود الآن، لذا يجب ان نوسع مفهوم المقاومة فعدم التنازل عن الثوابت شكل من اشكال المقاومة فالسؤال ليس هو من مع المقاومة؟ ومن ضدها؟ فلا يوجد فلسطيني ضد المقاومة ولكن الجدل حول مرجعية المقاومة , فلا يجوز ان يقوم فصيل واحد بالمقاومة وباقي الفلسطينيين يقومون بعملية التسوية، استراتيجية تقول لا اعتراف بالشرعية الدولية ولا بدولة اسرائيل، واخري تقول نعترف بإسرائيل وبقرارات الشرعية الدولية.
وهذا ما ادي الي الصدام في غزة بين السلطة الفلسطينية وحماس، فانقسام الاستراتيجية الفلسطينية ادي الي انقسام الوطن.
وللعلم فلقد تبنت اسرائيل هذا التناقض للايقاع بين الفلسطينيين فوقفت بقوة ضد خيار المقاومة وضد خيار السلام معاً، ورغبتها الاساسية هي تخريب مشروع السلام.
في مقابلة المشروع النرويجي والاوروبي لدعم المشاريع الثقافية في فلسطين هل هناك مشروعات عربية مماثلة؟
– نعم هناك مشاريع تقوم بها المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة وهناك دعم لوزارة الثقافة الفلسطينية من خلال علاقتها بالعديد من الوزارات العربية وهناك تنسيق دائم بين وزارة الثقافة الفلسطينية وبين وزراء الثقافة العرب لتزويدنا بالكتب ودعم عمليات طباعة الكتب وتنظيم دورات تدريبية وتقديم منح دراسية لدعم مجال الثقافة والفنون بفلسطين وفي هذا الاطار التقيت بوزير الثقافة المصري الفنان فاروق حسني وطرحنا خلال اللقاء سبل تفعيل التعاون المشترك بين البلدين وحقيقة ابدي كل الترحاب، باستضافة الطلاب الفلسطينيين وتنظيم دورات تدريبية لهم في مجال الثقافة والفنون وكذلك تزويدنا بالكتب والاصدارات عن وزارة الثقافة المصرية.
واقترح ان تقوم مصر بمشروع لتبني مكتبة في مدينة القدس وهي فكرة حظيت بكل التأييد.
وهكذا نقوم بالتنسيق مع كافة الدول العربية وكل دولة تدعمنا بما تستطيع ولا شك اننا نثمن هذا الدعم خاصة ان اسرائيل لا تريد ان تنجح وزارة الثقافة الفلسطينية في اداء دورها كما لا تريد ان تنجح الحكومة الفلسطينية بشكل عام واسرائيل مستمرة في اعاقتها لأي تواصل ثقافي فلسطيني مع المحيطين الاقليمي والعالمي.
ورغم ذلك نأمل ان يستمر دعم الدول العربية لنا من خلال اقامة مهرجانات واسابيع ثقافية فلسطينية بتلك الدول.
وهناك دول بالفعل عمقت لهذا التوجه منها الجزائر التي استضافت مؤخراً اسبوعاً ثقافياً فلسطينياً وقوبل بحفاوة من داخل وخارج فلسطين.
وهل اثر الخطاب الثقافي لحماس بشكل او بآخر في حركة المقاومة الفلسطينية؟
– بالتأكيد عندما استولت حماس علي قطاع غزة احدثت شرخاً سياسياً ونفسياً .. خاصة عندما انقطع التواصل بين الضفة وغزة ويمكن القول إنها احدثت شرخاً علي المستوي الثقافي فالمحلل للخطاب الثقافي لحماس يكشف ان الثقافة التي تسود ثقافة التحريض، التكفير، التخوين ولا شك ان هذا امر خطير جداً في ظل قيام كل طرف بتخوين الاخر.
واذا استمرت الامور هكذا حتماً ستتعمق القطيعة بين حركة حماس من جهة ومنظمة التحرير الفلسطينية وبين قطاع غزة والضفة الغربية فنحن من قبل كنا نركز علي قضايا القدس واللاجئين وفلسطيني الشتات لكننا الآن اصبحنا نطالب باستعادة قطاع غزة!!
وبرأيي ان هذا كله نتيجة الالتفاف الذي مارسته او استدرجت اليه حركة حماس.
فهي قد تورطت وورطتنا معها فالمشروع الوطني كله اصبح اليوم مهزوماً ولم تعد المعضلة تكمن في الخلاف بين حركتي فتح وحماس بل اصبح المشروع الوطني الفلسطيني مهدداً بالانتهاء وهذا نتيجة ما اقدمت عليه حركة حماس.
وما تقييمك لجهود الوساطة العربية لرأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية والسيطرة علي الخلافات في الداخل؟
– بذلت جهود لكن اعتقد ان هذه الجهود لم تكن علي قدر من القوة والالحاحية لأنها كانت تتوقف وتتجمد ازاء اي عقبة هذا من جهة، اما الآن فإن ما يجري في غزة والضفة لا شك انه يدخل في اطار مخطط اقليمي فلم يعد الامر مجرد تعميق الخلاف بين فتح وحماس بل هناك عدة اطراف معينة بتثبيت مسألة فصل غزة عن الضفة.
وكيف تري التأثير الثقافي للجدار الفاصل داخل الضفة الغربية والذي اقامته اسرائيل؟
– الجدار العازل بين الضفة وغزة ثبت انه جدار ذو دلائل سياسية رغم ان اسرائيل ادعت في البداية انه امني فإسرائيل تريد الاستيلاء علي كافة الاراضي فيما وراء الجدار اذ تحول الي جدار فصل عنصري لانه في الواقع اصبح يقسم المناطق وتحول الي ثكنات عسكرية اسرائيلية ونقاط مراقبة اسرائيلية.
فهو جدار سياسي بالاساس استهدف تسهيل سرقة الاراضي الفلسطينية ووضع العراقيل امام قيام الدولة الفلسطينية، فلا يتصور ان تقام الدولة في ظل هذا الجدار.
اذن فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة اصبحت اليوم شبه مستحيلة في ظل تعميق اسرائيل في عمليات الاستيطان علي الاراضي الفلسطينية وبناء الجدار… فإسرائيل حقيقة لا تريد اي سلام وترغب في توظيف المفاوضات من اجل مزيد من الاستيطان والالهاء، فهي تدعي ان هناك عملية سلمية جارية لكن هذه العملية ليست موجودة في الواقع بل توجد مفاوضات اقرب الي العبثية في ظل وجود ممارسات وحشية وانتهاكات واستيطان اسرائيلي فلا يمكن ان تستمر المفاوضات مع اسرائيل في ظل هذه العمليات والجرائم التي ترتكبها اسرائيل.
ألا تري ان ذلك ايضاً يقلل من مصداقية امريكا تجاه العملية السلمية كوسيط بين اسرائيل والفلسطينيين؟
– لابد ان نسلم بأنه لا يمكن لأمريكا الا ان تكون الي جانب اسرائيل ومنحازة لها، ونحن منذ سنوات ونحن علي يقين بأن اسرائيل هي الولاية 51 لأمريكا، ولا يمكننا ان نتصور ان تتخلي امريكا عن اسرائيل لصالح الفلسطينيين.
لكن لابد ان نتعامل مع الولايات المتحدة باعتبارها اكبر دولة في العالم وراعياً للعملية السلمية ولها علاقات مع الدول العربية، وقد زار الرئيس بوش اسرائيل خلال جولته الاخيرة بالمنطقة ثم جاء الي رام الله وفيها صرح عدة تصريحات علقت عليها بأنه صفعنا في عقر دارنا خاصة عندما قال: انسوا الشرعية الدولية، واكد انه لا عودة لحدود عام 67 وان قضية القدس مؤجلة… وهذه بلا شك ثوابت الفلسطينيين لذا فإن بوش نسف كل هذه الثوابت.
وكشف عن حقيقة الموقف الامريكي والذي يتعارض ويتناقض مع مشروعنا الوطني الفلسطيني، فحقيقة بوش بدد الوهم الذي بناه في مؤتمر انابوليس بأن الولايات المتحدة قد تكون وسيطاً نزيهاً في عملية السلام فإقامة الدولة الفلسطينية التي طرحها بوش في أنابوليس انما هي فكرة شخصية عبر عنها بوش من وحي أفكاره وليست تعبيراً عن سياسة امريكية بشكل فعلي وحينما تنتهي فترة ولاية بوش بنهاية العام تزول الفكرة وهذا امر بالغ الخطورة اذ لن تكون الادارة الامريكية الجديدة ملزمة بتنفيذ ما تبناه بوش، وفي تقديري ان هذه مناورة ويجب الا نتعلق بهذا الامل الذي يقدمه لنا بوش، واود ان اضيف هنا ان اقامة الدول الفلسطينية حق فلسطيني مشروع وليس منحة من بوش!
مع اقتراب انعقاد القمة العربية في شهر مارس المقبل بدمشق ما ابرز المطالب الفلسطينية؟
– القمة العربية المزمعة ليست كسائر القمم العربية الماضية فتأتي هذه القمة في ظرفية مغايرة اذ تعد اول قمة عربية تعقد في ظل وجود حالة الانقسام الفلسطيني وبالتالي فإن ابرز الامور التي نصبو اليها هي ان تكون القمة العربية عاملاً لتوحيد الموقف الفلسطيني… فقد كنا من قبل ننتظر ان تدعمنا القمم العربية في مواجهة اسرائيل لكننا الآن نطمح اكثر نحو حل مشكلاتنا الداخلية.. واذا استمر الوضع في غزة متدهوراً هكذا فإننا نأمل ان يوضع علي جدول اعمال القمة العربية من اجل العمل علي رفع هذا الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني مع التأكيد علي ضرورة مواصلة الدعم المادي والسياسي العربي لقضيتنا، ولا شك ان هذه الامور صعبة وشائكة لكن الدول العربية جزء لا يتجزأ من القضية.. وحقيقة نخشي ان تصدر عن القمة قرارات مبهمة لا تقدم جديداً.

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق