حتى لا نكون شهاد زور على تصفية المشروع الوطني

28 يناير 2017آخر تحديث :
حتى لا نكون شهاد زور على تصفية المشروع الوطني

27-12-2007

حتى لا نكون شهود زور على مخطط تصفية المشروع الوطني

مع أن كل كاتب يشعر بشيء من الرضا عن الذات عندما تأتي الأحداث مصدقة لتوقعاته وتحليلاته، إلا أن شعورا بالألم والحزن الشديد ينتابنا لأن الأحداث جاءت متوافقة مع توقعاتنا. حزن لما آلت إليه الأمور وحزن أشد لأن ملامح المخطط لتحطيم المشروع الوطني وفصل غزة عن الضفة كانت واضحة لدرجة أن أي مسئول يزعم بعدم توقعها هو تبرير لإخفاء التواطؤ أو إخفاء العجز عن وقف المخطط، مؤشرات الانقسام والاشتغال لصيرورته واقعا بدأت سنوات قبل انقلاب حماس، ولا داع لتكرار ما سبق و كتبناه، فقد توقعنا وحذرنا في أكثر من مقال وعبر الفضائيات وعلى مدار خمسة أعوام تقريبا من خطورة غياب استراتيجية عمل وطني وتعدد الاستراتيجيات والسلطات، وحذرنا من إجراء انتخابات تشريعية قبل الاتفاق على مرجعيات وثوابت النظام السياسي، وحذرنا من خطورة الفلتان الأمني وقلنا إنه ليس عفويا أو بالمصادفة بل هو ضمن مخطط لتدمير المشروع الوطني وان هناك أطرافا محلية تشارك بهذا المخطط، كما حذرنا من مخطط للفصل ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة والالتفاف على القرار الوطني المستقل وعودة الوصاية على الشعب الفلسطيني الخ، وفي مقالنا الذي كتبناه بعد أيام من الانقلاب تحت عنوان (سيناريوهات ما بعد الانقلاب ) كان السيناريو الأسوأ الذي حذرنا منه هو تأبيد حالة الفصل لقوة تأثير الأطراف المشاركة بهذا المخطط بما فيها أطراف متعادية ومتصارعة ولكنها تتقاطع عند نقطة فصل غزة عن الضفة للالتفاف على المشروع الوطني الفلسطيني، إلا أننا في المقال المشار إليه تحدثنا عن سيناريو تحت عنوان (من التقسيم إلى التقاسم )وقلنا بأنه أهون الشرور إن لم تتوفر شروط الحوار الناجح على المدى القريب، وأعتقد بأنه بعد ما جرى من أحداث في الأيام الأخيرة من الضروري التفكير بهذا الخيار كخطوة مرحلية ومؤقتة أو كمدخل لحل جذري للخلاف الداخلي.
قبل أن نوضح فكرتنا، دعونا نستقرئ باختصار وبموضوعية تداعيات الأحداث في الفترة الأخيرة.فشل جولات الحوار، فشل الخطة الأمنية، ثم فشل حكومة الوحدة الوطنية.بعد انقلاب حماس الدموي منتصف يونيو، حماس تستولي على المراكز الأمنية ثم على مقرات الوزارات والسلطة، عجز حماس عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، امتداد الخلاف من خلاف مع حركة فتح لخلاف مع كل القوى السياسية، قطع رواتب آلاف من الموظفين، تزايد النقمة الجماهيرية ضد حكم حماس، تحول حكم حماس من حكومة ربانية أو منتخبة كما كانوا يزعمون لحكومة وحكم بالبطش والقوة، مداهمات واعتقالات وإطلاق نار على الشباب والمسيرات السلمية، الحد من الحريات السياسية والإعلامية، وقف حركة حماس لعملياتها العسكرية داخل إسرائيل واستجداءها لهدنة من الإسرائيليين، وقوع عمليات مسلحة داخلية ضد مواقع وعناصر حكومة حماس، وتخطيط حمساوي لزعزعة الاستقرار في الضفة الغربية، تزايد عمليات التحريض والتشكيك والتخوين عبر الفضائيات ومختلف وسائل الإعلام بشكل يسيء لكل الشعب الفلسطيني، إعلان إسرائيل قطاع غزة كيانا معاديا، توقف الجهات المانحة عن إنجاز مشاريع تنموية في القطاع، تراجع التأييد والاهتمام العربي والدولي بحركة حماس وبمعاناة سكان القطاع، ثم عقد مؤتمر انابولس دون تحقيق إنجاز سياسي كبير، غياب أي مسعى جدي للحوار مع تمسك حركة حماس بمواقفها ورفضها الاعتراف بالخطأ الذي ارتكبته، تزايد العدوان الإسرائيلي متزامنا مع عقد مؤتمر باريس مما دفع البعض بالربط بين الأمرين، الأهم من كل ذلك أن أكثر من مليون ونصف المليون من أهلنا في القطاع أصبحوا يعيشون حالة غير مسبوقة ليس بفلسطين فقط بل في كل النزاعات الدولية، من حصار وجوع وإحباط وفقدان الثقة بالحاضر والمستقبل وتراجع المستوى الحضاري وحالة من الخوف والقلق، وكل هذا حدث بعد الموت غير المعلن للانتفاضة، إن لم يكن فشلها في تحقيق أهدافها، دون أن يجرؤ أحد على عمل مراجعة وتقييم ومحاسبة لست سنوات، نتيجتها آلاف الشهداء وعشرات آلاف المعتقلين والجرحى، وتدمير البنية التحتية في الضفة والقطاع وعدم تحقيق أي إنجاز سياسي، بل تراجع مهول للقضية الوطنية على كافة الأصعدة .
لقد بات واضحا أن المخطط الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه هو مخطط يتجاوز الأطراف الفلسطينية، دون تجاهل الدور المركزي لفساد وجهل سياسي استشرى عند النخبة الفلسطينية،في إنجاح المخطط، كما بات واضحا أن إسرائيل والأطراف الإقليمية المعنية بالأمر تريد استمرار حالة الفصل والانقسام للنظام السياسي و للمجتمع الفلسطيني ليس حبا بحركة حماس أو إعجابا بالنظام الذي تؤسسه، بل توظيفا لهذا النموذج الفاشل من حكم الإسلاميين في تسوية حسابات داخلية مع التيارات الدينية، أو انطلاقا من رؤية سياسية للتسوية ترى أن الحل يمكن أن يكون ممكنا إذا عادت الأمور لما قبل حزيران 67، أي التعامل مع قطاع غزة كحالة سياسية مختلفة عن حالة الضفة الغربية- وهناك دول عربية تفضل هذا التوجه وتشتغل عليه-، أيضا هناك دول تريد توظيف الحالة الفلسطينية المتوترة لخدمة أجندة سياسية خاصة .
وعليه،ولأن الحالة الفلسطينية اليوم هي أضعف مما كانت عليه قبل الانتفاضة ، فإن إنهاء حالة الفصل لن يكون بقرار فلسطيني خالص في المنظور القريب على أقل تقدير – وإن كان التوافق الداخلي شرط ضرورة لنجاح أي مساع في هذا الاتجاه – كما أن إسرائيل لن تسمح بإحداث هذه المصالحة، وما يزيد الطين بلة أن بعض الأصوات في حركة حماس تتصرف وكأنها تحقق إنجازا أو تنفذ مخططا معد مسبقا وهو أن تكون حماس سلطة حاكمة في قطاع غزة ، وهو تَطَلُع ينسجم أيضا مع أيديولوجيتها الدينية التي تنظر لمفهوم الدولة خارج سياق المفهوم الوطني والدولي، فعودة الخلافة الراشدة يمكن أن تبدأ على أية بقعة من أرض المسلمين، أيضا فإن ممارسات حركة حماس وتصريحات قادتها الاستفزازية والمرتبكة تُصَعِب على الحكومة و السلطة الشرعية ومنظمة التحرير وضع استراتيجية لحل وطني عاجل للوضع الراهن أو للمستقبل في القطاع، وتجعل خيارها الوحيد هو الدعوة للحوار والعودة لخيار الشعب وهو الانتخابات، الأمر الذي ترفضه حركة حماس حتى الآن.
ضمن هذه المعطيات، ومع الخط ألتصعيدي للخلاف – والذي للمفارقة والغرابة أنه يتزامن من مأزق يتعاظم كل يوم للطرفين ،مأزق ما تسميه حركة حماس خط المقاومة والممانعة ،ومأزق نهج التسوية الذي تراهن عليه السلطة بسبب التعنت الإسرائيلي – ،ومع توقع ما هو أسوء بعد مؤتمري أنا بولس وباريس بالرغم من كل التأكيدات التي أعلنها الرئيس أبو مازن ورئيس الوزراء سلام فياض على مسؤولية الحكومة عن أهلنا في القطاع والعمل على رفع الحصار عن القطاع، فإن كل يوم يمر إلا و يتعمق الشرخ وتتزايد حالة القطيعة وتتزايد معاناة الناس في القطاع، معاناة غالبية الشعب وليس حركة حماس، بل تظهر مؤشرات مقلقة على تزايد الاستعداد النفسي عند شرائح شعبية في الطرفين للتكيف مع الوضع، وتعمل قوى متعددة لتغذية الاستعدادات النفسية لقبول عملية الفصل، أيضا جود قناعة عند البعض من النخبة السياسية في الجانبين لاعتبار ما جرى أمرا مقبولا أو يدخل في باب (رب ضارة نافعة)، وتواتر الحديث عن (الغزيين) و(الضفويين) وان ما جرى هو تصحيح لخطا حدث بسبب الاحتلال والوضع الطبيعي في نظرهم أن قطاع غزة – المنفصل جغرافيا عن الضفة – حالة مختلفة عن الضفة الغربية والمجتمع الغزي مختلف عن المجتمع في الضفة الخ. إذن ما العمل ؟.
إن كان خيار الحسم العسكري مرفوضا وطنيا وعملياتيا عند الرئيس أبو مازن والحكومة وعند حركة فتح وكل القوى الوطنية، وإن كانت النية الحقيقية لطرفي المشكل متجهة بالفعل لوضع حد للفصل بين شطري الوطن (كما تقول تصريحاتهم المعلنة)، فلا بديل عن الحوار، حوار ليس على استعادة مواقع أمنية أو محاصصة سياسية ،أو لمجرد رفع العتب بالقول إننا لسنا ضد الحوار،بل حوار حقيقي وجاد حول القضايا الإستراتيجية، مثل مفهوم الدولة والتسوية والسلام والمقاومة، أي حول الثوابت الوطنية، التي كان من المفترض الحسم بها قبل إجراء الانتخابات التشريعية، هذا الحوار يحتاج لجهد ووقت كما انه سيواجَه بممانعة من إسرائيل ومن أطراف متعددة مستفيدة من الانقسام الفلسطيني الداخلي.
ولأننا نؤمن أن لا مجال للتقدم بالمشروع الوطني ولا بعملية السلام إلا بالمصالحة الداخلية قبل المصالحة مع إسرائيل،ولأننا نؤمن أن لا شرعية لحكومة إن لم تكن حكومة كل الشعب وكل الوطن، ولأن الواقع يقول بأن الوفاق والوئام الداخلي المؤَسَس على استراتيجية عمل وطني يحتاج لوقت، إذن يجب التعامل بعقلانية مع مرحلة وسط أو انتقالية تمهد لعودة الوئام وهي مرحلة ضرورية لتهيئة شروط نجاح الحوار الإستراتيجي ، وأقصد التعامل مؤقتا مع واقع الفصل دون منح أية شرعية لأمر واقع مفروض بالقوة، ويكون ذلك من خلال وقف كل أشكال التحريض والاعتقالات وأعمال العنف المتبادل من الطرفين – لمدة شهرين مثلا-، وذلك لخلق الأجواء المهيأة للحوار الجاد ثم للمصالحة. أن تستمر العلاقة بين حركتي فتح وحماس علاقة عدائية، وان يستمر التحريض، لن يساعد على إنجاح الحوار.إن إنجاح هذا السيناريو أو الفرصة الأخيرة هو مسؤولية جميع الأطراف ولكن بالدرجة الأولى مسؤولية حركة حماس التي انقلبت على الشرعية، والكرة عندها لأن أعمالها هي التي تعمق الهوة بينها وبين كل فصائل منظمة التحرير ومع الشعب داخل القطاع، ولكن في نفس الوقت فإن تمترس القيادة الفلسطينية حول شرط ضرورة تراجع حركة حماس عن عملها الانقلابي قد يبدو مبهما وتعجيزي، فما هو مفهوم التراجع عن الانقلاب؟ومن سيملأ الفراغ؟ وما ضمان عدم حدوث عمليات ثأرية من الشعب ضد قيادات وعناصر حماس في غزة؟ وأسئلة كثرة تفرض نفسها.
قد يقل قائل كيف يجلس الرئيس أبو مازن مع الانقلابيين ؟وكيف سيتم الاتفاق بين الطرفين ما دامت حركة حماس لا تقر بمرجعية منظمة التحرير وتقول بعدم الاعتراف بالاتفاقات الموقعة ؟.في السياسة لا توجد ثوابت مطلقة ،فثوابت السياسة هي المتغيرات التي تحددها الأمة وتعبر عن المصلحة الوطنية وتخدمها في كل مرحلة من مراحل تطور الأمم ، وعليه فإن توفرت إرادة المصالحة ومتطلبات المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية فالحلول ممكنة والعقبة التي تسمى الخلاف حول الثوابت يمكن تذليلها .
فبالنسبة للإشكال الأول ،يمكن للرئيس أبو مازن أن يختار طرفا صديقا – ويمكن أن تكون الرباعية العربية مثلا- يتحاور مع حماس نيابية عن الرئيس خلال مدة الشهرين (الهدنة الداخلية) لتهيئة شروط الحوار الجاد والتي من بينها اعتراف حركة حماس بخطأ اللجوء للانقلاب،واعترافها بشرعية الرئيس أبو مازن واستعدادها لتشكيل حكومة من المستقلين على أساس الثوابت والاتفاقات التي اعترفت بها منظمة التحرير الفلسطينية.ثم بعد ذلك تجلس كل القوى السياسية الفلسطينية بما فيها حركة الجهاد وممثلون عن المجتمع المدني برعاية الرباعية العربية للبحث في تشكيل حكومة من المستقلين،ولوضع استراتيجية سياسية تفاوضية يحدد لها سقفا زمنيا يمكن أن يكون الفترة التي تفصلنا عن الانتخابات التشريعية ،إن لم تستجب إسرائيل لهذه الإستراتيجية المدعومة بالموقف العربي من خلال المبادرة العربية للسلام ،حينئذ يمكن ومن خلال الموقف الموحد البحث عن أشكال أخرى من النضال بما في ذلك الخيار العسكري.
أما بالنسبة للإشكال الثاني،فبعد مشاركة حركة حماس بانتخابات تشريعية لسلطة هي نتاج لاتفاقات أوسلو ،وبعد مشاركتها بحكومة وحدة وطنية (مع أصحاب أوسلو) وبعد أكثر من تصريح وموقف حول الموافقة على دولة في الضفة وغزة بعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وهو نفسها ثوابت منظمة التحرير وحركة فتح ،وبعد استعدادها لهدنة مع إسرائيل ،والهدنة بدون أي مواربة تعني وقف المقاومة،وبعد محاولاتها الحثيثة لفتح قنوات اتصال مع العالم الخارجي وخصوصا مع الأوروبيين والأمريكيين لاستقطاب اعتراف ودعم للحركة ،وبالتأكيد لن تطلب الحركة من هذه الدول الوقوف لجانبها للقضاء على إسرائيل…،بعد كل ذلك ما هي الخلافات السياسية الإستراتيجية بين حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية؟. لقد بات واضحا أن الخلاف بين الطرفين ليس خلافا عميقا حول الثوابت أو على مبدأ التسوية السلمية بقدر ما هو خلاف حول السلطة وعلى من يقود مشروع التسوية؟وهو خلاف لا يستحق كل الدماء التي سالت.

وأخيرا نقول أنه لا يعقل أن نتفاوض مع إسرائيل التي تحتل الأرض وتمارس كل أنواع الإرهاب ضد شعبنا وهي مفاوضات مشروعة ومبررة بمنطق الواقعية السياسية، ولا يُعقل أن تستجدي حركة حماس هدنة مع إسرائيل وحوار مع الأمريكيين إن استطاعت، فيما نحن عاجزين عن الحوار مع بعضنا بعضا،ولا ندري أيهم أقسى على النفس ،الجلوس مع مَن يحتل الأرض ويقتل ويدمر ويمتهن الكرامة ،أم الجلوس مع الخصم الوطني السياسي حيث جمعت الطرفين المعاناة والتشريد والخندق الواحد؟أيهم أقسى على النفس ،هدنة مع العدو المحتل مقابل الاحتفاظ بسلطة بدون سيادة على جزء مما تبقى من الوطن ،أم التخلي عن السلطة والعودة للصف والكل الوطني بما يحافظ على المشروع الوطني؟ .
إن أهمية السرعة في التوصل لمصالحة وطنية مستمدة أيضا من إمكانية التوصل لهدنة ما بين حركة حماس وإسرائيل – والهدنة جزء من المخطط المشار إليه وهي بدأت ضمنيا بعد الانقلاب مباشرة حيث لم تطلق حركة حماس أي صاروخ على سيدوروت – تمهد لمفاوضات بين الطرفين قد تؤدي لشكل من الدولة في قطاع غزة وفي هذا تحقيق لرؤية بوش حول الدولة وتطبيق لخطة خارطة الطريق حول الدولة المؤقتة ،وبذلك يتم إخراج إسرائيل من مأزقها،إلا أن ذلك يعني أيضا قطع الطريق على أي مصالحة وطنية ونهاية المشروع الوطني الذي يقول بدولة فلسطينية في الضفة والقطاع .
نقول هذا حتى نبرئ أنفسنا وحتى لا نكون شهود زور على مؤامرة تصفية المشروع الوطني الذي قدم شعبنا في سبيله عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين ومعاناة وتشرد وحروب ،وأحلام وتشوقات،المصالحة فرصة أخيرة إما أن نلتقطها ونباشرها قبل فوات الأوان وتتجاوز النخبة السياسية المكابرة والإغراءات والحسابات الصغيرة ،وإما أن يسجل التاريخ أن أعدل قضية ضيعتها نخبة وقيادة لم تكن في مستوى عدالة وعظمة القضية .

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق