فتح ميديا- ولد فيصل عبد القادر الحسيني في منفى والده في بغداد بتاريخ 17 تموز 1940. وفي العام 1944 انتقلت الأسرة إلى مكة المكرمة حيث أمضى فيها فيصل الحسيني عاماً ونصف ، ومنها انتقل إلى القاهرة حيث أنهى دراسته الابتدائية والثانوية. والده عبد القادر الحسيني قائد جيش الجهاد المقدسي في فلسطين والذي استشهد مدافعا عنها في معركة القسطل عام 1948.
انضم فيصل الحسيني إلى حركة القوميين العرب في عام 1958، واشترك في تأسيس الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين في القاهرة في العام 1959 وعمل مسؤولا عن شؤون الطلبة في حكومة عموم فلسطين بالقاهرة، ثم عمل مسؤولاً في دائرة التنظيم الشعبي في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في القدس في العام 1965، وبعيد الاحتلال الإسرائيلي للقدس انتقل إلى صفوف حركة فتح، وقد أهلته هذه المرحلة المبكرة من العمل إلى قيادة العمل السياسي الوطني في مواجهة الاحتلال.
حصل فيصل الحسيني على شهادة البكالوريوس في العلوم العسكرية من الكلية العسكرية في سوريا في العام 1967، أشرف على معسكر تدريبي لمئات المتطوعين في كيفون في لبنان عقب هزيمة حرب عام 1967. عاد فيصل الحسيني إلى أرض الوطن في عام 1967 مخترقاً الحدود عبر نهر الأردن واستقر في القدس، وبـدأ يعمل مـع مختلـف التنظيمات والقوى الفلسطينية التي تجمـعت لمقاومة الاحتلال. كان من بين الوطنيين الفلسطينيين الأوائل الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلية بعد الحرب مباشرة بتهمة تشكيل مجموعات عسكرية وحيازة أسلحة، وقد حكم عليه بالسجن لمدة عام في 15 تشرين الأول 1967.
تنقل فيصل الحسيني بين أعمال مختلفة في الفترة بين عام 1969 وعام 1979، فعمل حارثا للأرض في أريحا، وتاجراً للزيت، وموظفا للاستقبال في أحد الفنادق، وفني أشعة، وتاجراً متنقلاً، مكملاً بذلك شبكة التعرف التفصيلي على الوطن.
في العام 1979 أسس فيصل الحسيني بالتعاون مع مجموعة من الأكاديميين الفلسطينيين جمعية الدراسات العربية التي تعرضت للمضايقات والمواجهات من قبل الإسرائيليين، وأغلقت أكثر من مرة. في عام 1981 قاد حملة لاختراق الحصار الذي فرضته القوات الإسرائيلية على أهل الجولان، فوضعته السلطات الإسرائيلية تحت الإقامة الجبرية في القدس في الفترة ما بين 1982 – 1987 مما منعه من إكمال دراسة التاريخ في كلية الآداب بجامعة بيروت العربية التي التحق بها عام 1977.
أنشأ فيصل الحسيني المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، ولجنة مواجهة القبضة الحديدية في العام 1987، وكان من أبرز قادة الانتفاضة في تلك الفترة واعتقل في العام ذاته واستمر اعتقاله بشكل متقطع حتى العام 1989. وبسبب إغلاق مكاتب جمعية الدراسات العربية خلال تلك الأعوام، حول بيته مكتبا يمارس منه نشاطاته الرسمية والشعبية.
وفي العام 1991 قاد المحادثات التمهيدية لمؤتمر السلام في مدريد مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر. وفي عام 1992 أنشأ مقرا للفريق الفلسطيني المفاوض في مبنى بيت الشرق الذي ضم أيضا جمعية الدراسات العربية فأصبح المقر عملياً مقراً لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس، ومركزاً رئيسياً لتقديم الخدمات المتعددة لأبناء المدينة، وساهم بشكل كبير في تثبيتهم فيها. في العام 1995 تسلم فيصل الحسيني مسؤولية ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية. وانتخب في العام 1996 من قبل المجلس الوطني الفلسطيني عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
تصدى فيصل الحسيني لسياسات السلطات الإسرائيلية المحتلة في القدس، ودافع عن عروبتها في منابر العالم، وقاد المظاهرات، ودافع عن الحرم القدسي الشريف، وقاوم الاستيطان في مختلف المواقع، وبخاصة جبل “أبو غنيم”. كما تصدى للقوات الإسرائيلية خلال أحداث النفق 1996، وكرس بنشاطه القدس عاصمة فعلية لفلسطين، وجعل من “بيت الشرق” المقر الرسمي للقاءات مع الشخصيات الرسمية والرفيعة الزائرة للقدس. كما قام بعدد كبير من الجولات للدفاع عن قضية القدس وفلسطين، وتميزت آخرها بمحاولة تحويل الهم العربي إلى القدس، وتوحيد العرب على هذا الهدف. ورحل رحمه الله في 31/5/2001 خلال زيارته للكويت وأودع في 1/6/2001 في باحة الحرم القدسي الشريف بجوار والده وجده في يوم تحررت فيه القدس في وداعه.