من نحن وما هويتنا؟!

17 أغسطس 2025آخر تحديث :
من نحن وما هويتنا؟!

سبق وكتبنا حول مخاطر تفَكُك الهويات الجامعة: الوطنية والقومية والاسلامية وأدلجتها ،في مقالات ودراسات عديدة منها : استشكالات الهوية والانتماء في الخطاب السياسي العربي، تفكك الأوطان وتشويه الهويات الجامعة ،تغيرات الهوية في المشهد السياسي العربي وتأثيره على خياري المقاومة و التسوية في فلسطين ،التباس مفهوم الأنا والآخر في عالم عربي متغير، الهوية الفلسطينية الجامعة ،تحديات الهوية والثقافة الوطنية ودور الشباب في الحفاظ عليهما، الهوية الفلسطينية هوية وطنية جامعة الخ ،كما سبقني  كثيرون وتحدثوا عن أزمة الهوية في هذه السياقات والأطر ومحاولة تعريف الأنا في مواجهة الآخر ،وما زالت التساؤلات مشروعة ومشرعة والإجابة عنها تزداد صعوبة وتعقيداً.

الأمر هنا لا يتعلق بوجود تعددية سياسية وحزبية فهذه أمور موجودة في المجتمعات وقد تكون ظاهرة إيجابية للممارسة الديمقراطية، ولكننا نتحدث حول خلافات وصراعات حول الهوية والانتماء تمس كينونتهما وتمزق وحدة الشعب والأمة وتصل لدرجة الاستنجاد بالخارج والتحالف معه في مواجهة الخصم السياسي الداخلي (الوطني) حتى وإن كان هذا الطرف الخارجي عدوا للوطن.

فعلى المستوى الوطني الفلسطيني وبالرغم من أن شعب فلسطين يضرب بجذوره عميقا في التاريخ لأكثر من أربعة آلاف سنة وتمسكه بهويته الوطنية وتواجده المتواصل في وطنه أهم سلاح في مواجهة الرواية والمشروع الصهيوني، إلا أن مخاطر وجودية باتت تهدد هذه الهوية نتيجة التدخلات الخارجية حتى من طرف ايديولوجيات كالعروبية والإسلاموية والانقسام الجغرافي والسياسي والثقافي بالإضافة الى الخطر الصهيوني،  الأمر الذي يبرر التساؤل عما يجمع الآن فلسطينيو الداخل (الخط الأخضر) الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وبعضهم أعضاء في أحزاب صهيونية يمينية ومنخرطون في الجيش مع فلسطينيي الضفة وقطاع غزة مع فلسطينيي الأردن والشتات؟ ما الذي يجمع حركة حماس الإسلامية مع منظمة التحرير؟ أية هوية وطنية وانتماء وطني يجمع مثلا أسامة حمدان ومشعل وغازي حمد مع ابو مازن والهباش وعزام الاحمد ودحلان؟

ويمكن أن نطرح نفس التساؤلات في الحالة العربية، سوريا مثلا حول ما يجمع الجولاني وتنظيم النصرة مع الأكراد والدروز والعلويين؟ ونفس الأمر في لبنان والسودان وليبيا واليمن الخ، إلا تجاورا وتساكنا جغرافيا ضمن حدود و(اوطان) لم يكن لهم دور في رسمها بل جاءت ضمن مخطط استعماري.

وعلى مستوى الهوية العربية، هناك جامعة دول عربية لم تعد تجمع الأمة العربية وشاهد زور على ما يجري من صراعات وتمزٌق في جسد ما يُفترض انها أمة عربية واحدة، وباتت كل دول الجوار تستبيح سيادة العرب دون حراك من هذه الجامعة العربية.

أمة عربية تحالفت بعض انظمتها مع واشنطن وشاركت عسكرياً لضرب العراق ١٩٩١ ثم احتلاله ٢٠٠٣، ثم تعاونت مع واشنطن لصناعة ما يسمى (الربيع العربي) ومدت الجماعات الاسلاموية المتطرفة بمليارات الدولارات كما اعترف بذلك حمد بن جاسم رئيس وزراء ووزير خارجية قطر، لإسقاط أنظمة عربية وخصوصا سوريا ،وهللوا عندما تم استباحة سوريا من هذه الجماعات الإرهابية وتركيا وإسرائيل! ماذا نقول عن عشائر عربية هبت في فزعة من عدة دول لمساعدة القبائل العربية في مدينة السويداء السورية ولم يفزعوا لإنقاذ جياع غزة أو لإنقاذ القدس!

ولنا أن نتساءل ما الذي يجمع دول الخليج مع اليمن والسودان والصومال، ويجمع المغرب مع الجزائر، وسوريا مع لبنان الخ ويجمع كل هؤلاء مع فلسطين التي يموت أهلها جوعا في قطاع غزة الخ إلا التجاور الجغرافي والتكلم بلغة عربية؟

ويزداد الأمر صعوبة إذا تساءلنا من نحن كمسلمين أو أمة إسلامية؟ فهؤلاء لا يجمعهم إلا عقيدة أخرجوها عن أصولها ويختلفون في تفسيرها وحولها وتتسبب في تمزق الأمة أكثر من توحيدها؟

ليس ما ورد أعلاه نكران للهويات الجامعة التي يجب التمسك بها وإعادة تصويب مسارها بل دق ناقوس الخطر حول ما تتعرض له من مخاطر وجودية ليس فقط من إسرائيل والغرب ودول الجوار بل أيضا من طرف أبنائها.

Ibrahemibrach1@gmail.com

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق