مشهد فلسطيني مليء بالمتناضات

29 يونيو 2025آخر تحديث :
مشهد فلسطيني مليء بالمتناضات

الجزء المرئي من الإجرام والممارسات العنصرية لإسرائيل هو مشاهد الحرب وما تلحقه من موت ودمار بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة أيضا ممارسات الجيش وقطعان المستوطنين في الضفة والقدس سواء تعلق الأمر بالاستيطان والاستيلاء على الأراضي وتدمير البيوت أو ممارسات قطعان المستوطنين ضد الفلسطينيين المسالمين.

صحيح ان هذا المشهد السياسي العسكري يلخص جوهر الصراع كصراع على الأرض والهوية،ولكن هناك حربا أخرى أو مشهدا آخر لا يقل خطورة وهي الحرب الخفية والصامتة التي تشنها دولة الاحتلال والصهيونية العالمية لتفكيك المنظومة القيمية الاجتماعية والثقافية لشعب فلسطين في كل أماكن تواجده،وهذه المنظومة هي أهم سلاح للحفاظ على الهوية والثقافة الوطنية وضمان وحدة الشعب وثباته على أرضه كما أنها تنقل صورة مشرقة ومشرِفة للعالم الخارجي عن الشعب الفلسطيني كما عكسته طوال تاريخ الصراع مع الاحتلال ،حيث كانت كلمة فلسطيني رديف للكرامة والشجاعة وحسن الأخلاق وعزة النفس الخ. وظف العدو بداية القاعدة الاستعمارية (فرق تسد) مع فلسطينيي الداخل (الخط الأخضر) فشتت وحدة المجتمع الفلسطيني هناك ،سياسياُ واجتماعياً، ونَشرَ المخدرات والجريمة المنظمة،وحاول نفس السياسة في أراضي السلطة الفلسطينية ولولا وجود سلطة فلسطينية لكان حال الضفة اجتماعياً شبيه بحال فليطينيي الداخل . النجاح الأكبر للعدو كان في قطاع غزة قلعة الصمود والمقاومة وحاضنة الهوية والشخصية الوطنية من النكبة الى حين الحرب الراهنة على القطاع.

المشهد السياسي والاجتماعي في قطاع غزة في ظل حرب الإبادة والتطهير العرقي لا يخلو من غرابة تناقضاته، من انهيار للمنظومة القيمية والفلتان الأمني والسياسي بحيث لا أحد يعرف من هي السلطة الحاكمة في القطاع: جيش الاحتلال أم حركة حماس، أم مليشيات العائلات ،أم الجماعات المسلحة كمجموعة ابو شباب المدعومة من الاحتلال؟ في قطاع غزة يتداخل مَن يقاوم الاحتلال مع مَن يسرق المساعدات مع المتسولين والجياع مع الأغنياء الجٌدد من اباطرة تجار العملة والعملاء والجواسيس الخ.

بالتأكد العدو الصهيوني هو المسؤول الرئيس عن هذه الحالة، ولكن لا نبرئ النظام السياسي الفلسطيني والطبقة السياسية من المسؤولية فيما يجري من حالة توهان وانحراف بوصلة العمل الوطني في كل المشهد الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها حيث

نشاهد أحزابا يسارية بخلفية شيوعية – الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- تتحالف مع حركات إسلامية – حماس والجهاد الاسلامي-!وحركة حماس السنية الإخوانية تتحالف مع إيران الشيعية!ومَن يمارس مقاومة الاحتلال ،والمقاومة حق مشروع، غير قادر على توظيف انجازات من يمارس العمل السياسي والدبلوماسي وهو حق مشروع أيضا، والعكس صحيح حيث لا يستطيع من يمارس العمل السياسي والدبلوماسي توظيف روح مقاومة وصمود الشعب لتحسين أوراقه التفاوضية.

وهناك الكثير من الغرائب ،ولكن ما يمنحنا العزاء والأمل بالمستقبل هو تاريخ غزة كجزء من تاريخ فلسطين الممتد لأكثر من أربعة آلاف سنة،حيث يذكر المؤرخون أن غزة تعرضت لعدة حروب وغزوات ودٌمِرت أكثر

من مرة ولكنها كانت تنهض مجددا أكثر قوة وتمسكا بهويتها الوطنية الفلسطينية.

Ibrahemibrach1@gmail.com

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق