يجب الاعتراف أن ترامب ومبادرته الملتبسة والمشبوهة والمهرجان الذي أشرف عليه في شرم الشيخ وضع الأساس لبداية تحول معاكس حتى وإن كان بطيئاً في الاهتمامات الدولية بما يجري في قطاع غزة وفي الشرق الأوسط عموماً، وأبرز هذه التحولات تراجع الحديث عن الشرعية الدولية وقراراتها حول القضية الفلسطينية وعن قرارات الجنائية الدولية والاتهامات لقادة العدو بارتكاب جرائم حربوالاعترافات بالدولة الفلسطينية التي لم يذكرها ترامب في مبادرته ،والتركيز بدلاً من ذلك على مبادرة ترامب ورؤيته لـ (السلام الابراهيمي) الذي يستبعد الدولة الفلسطينية.
ولكن أخطر ما تمخض عن مبادرة ترامب ومهرجان شرم الشيخ هو بداية تحول اهتمام الرأي العام العالمي من حرب الإبادة والتطهير العرقي التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة الى ما يجري في القطاع من مواجهات مسلحة بين حركة حماس (المقاومة) والعائلات والجماعات المسلحة المرتبطة بإسرائيل والإعدامات الميدانية التي تقوم بها حماس دون محاكمة لعشرات المواطنين بحجة أنهم عملاء لإسرائيل بموافقة أمريكية كما اعترف ترامب ذاته ،ويضاف إلى ذلك أن كل مبادرة ترامب سواء تعلق الأمر بوقف إطلاق النار ودخول المساعدات وحتى بالسلام في الشرق الأوسط الذي بشر به ،كل ذلك متوقف على تسليم حماس لبعض جثث قتلى جيش الاحتلال حيث يهدد نتنياهو ومعه ترامب بالعودة للحرب إن لم تسلم حماس الجثث، بمعنى أن مستقبل قطاع غزة وحياة أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع والسلام المزعوم مقابل أقل من عشرين جثة لجنود إسرائيليين!
مبادرة ترامب الملتبسة والمشبوهة مسؤولة عن كل ذلك، وكمثال على ذلك ما نصت عليه من نزع سلاح حماس.
فكيف يمكن نزع سلاحها؟ هل سيرمي مقاتلو حماس والفصائل سلاحهم في الشوارع وينتظرون مصيرهم المجهول وما هو آت؟ ام سيتم نزعه برضاهم او بالقوة ؟وهنا نتساءل عن الجهة التي ستتكفل بذلك؟ وهل يجوز أو يمكن نزعه قبل تهيئة البديل الذي سيحفظ الحد الأدنى من الأمن ويدير حياة الناس إلى حين تشكيل وتواجد القوات العربية والدولية وقيام الإدارة الفلسطينية المحلية التي يتحدثون عنهما، ولم نسمع حتى الآن عن تحرك جاد حول تشكيل هذه القوات العربية والدولية وما هي مرجعيتها ؟وهل سيتم تشكيلها بقرار من مجلس الأمن أو سيشكلها مجلس (السلام العالمي) الذي يترأسه ترامب؟
تشكيل لجنة فلسطينية محلية وحتى عودة السلطة لغزة ودخول حتى 10 الاف شرطي فلسطيني لن يحل المشكلة لأنهم لن يستطيعوا نزع السلاح من حماس وفصائل المقاومة ومن المواطنين دون تواجد قوات خارجية، والسلطة الفلسطينية تعرف ذلك.
وعلى هذا الأساس وكما سبق أن كتبنا فحماس وسلاحها سيبقيان، أعجبنا ذلك أم لا، لحين من الزمن وبموافقة إسرائيلية أمريكية وحتى عربية، وخصوصاً بعد ان أعلنت الحركة عن استعدادها للتخلي عن السلاح الهجومي والاحتفاظ بالسلاح الدفاعي!،والتخلي عن السلاح الهجومي يعني وقف المقاومة والحرب مع اسرائيل وهذا ما تريده إسرائيل وما عبر عنه نتنياهو عندما قال إنه يريد ضمان ألا يعود قطاع غزة مصدر تهديد لأمن إسرائيل ولغلاف غزة، وحتى دون هذا التصريح لحماس فهي فقدت كل أو غالبية سلاحها الهجومي (الاستراتيجي) من صواريخ وانفاق وهي بالأساس كانت كذبة كبرى حيث اعترف قائد حمساوي أن المقاومة اطلقت من غزة حوالي 35 ألف صاروخ ولم تقتل سوى 20 يهوديا ،كما فقدت حماس أيضا ما كان يسمى محور المقاومة ووحدة الساحات كما أن أهم حلفاءها وهم تركيا وقطر وافقوا على خطة ترامب التي تنص على نزع سلاح حماس وفصائل المقاومة، بالإضافة إلى فقدانها حاضنتها الشعبية في قطاع غزة .
Ibrahemibrach1@gmail.com