لكل حركة تحرر وطني خصوصيتها

12 أغسطس 2025آخر تحديث :
لكل حركة تحرر وطني خصوصيتها

في محاولة لتبرير سقوط أكثر من ربع مليون ما بين شهيد ومفقود وجريح وتدمير القطاع وتجويع أهله تقول حركة حماس ومن يساندها ويدعهما ويدافع عنها إن هذه تضحيات من أجل تحرير فلسطين وأن كل حركات التحرر ضحت بأكثر من ذلك، من فيتنام والجزائر ألي جنوب افريقيا، وأن هذه التضحيات أدت في النهاية إلى إجبار العدو للجلوس إلى طاولة المفاوضات والتوقيع على وثيقة استقلال تلك البلدان وانسحاب جيش الاحتلال.

فهل هذه المقارنة بين الحالة الفلسطينية والحالات الأخرى صحيحة؟ وهل كان طوفان حماس يندرج في سياق حروب التحرير الوطني؟ وهل هذه التضحيات قربتنا أكثر لتحقيق النصر وهزيمة العدو؟ وهل المفاوضات بين حركة حماس وإسرائيل مثل مفاوضات جبهة تحرير فيتنام وجبهة التحرير الجزائرية ومفاوضات المؤتمر الأفريقي تدور حول إنهاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين وإعلان الاستقلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة؟ أم هي مفاوضات بين العدو وحزب يعمل خارج الإطار الوطني وتدور حول وقف مؤقت لإطلاق النار وفي أحسن الحالات إعادة انتشار جيش الاحتلال قريبا من الحدود التي كان متواجدا فيها قبل طوفان حماس مع ضمانات لبقاء حماس كسلطة حاكمة تحت الاحتلال الذي سيتحكم بالمعابر وكل ما سيدخل للقطاع حتى الطعام كما كانت طوال ١٨ عاما، مع تجاهل كل ما يتعلق بأصل وسبب الصراع حتى تجاهل الأهداف التي حددتها حماس في بداية طوفانها؟  وهل من وجه شبه بين الحالات السابقة والحالة الفلسطينية من حيث وقوف كل دول العالم والمنظمات الدولية إلى جانب حركات التحرر الوطني بل حتى وقوف الشعب الأمريكي والشعب الفرنسي ضد حكوماتهم مطالبين بإنهاء احتلال أرض الغير، بينما تقف حماس لوحدها في مواجهة إسرائيل التي يقف كل شعبها تقريبا الى جانب حكومته اليمينية المتطرفة وجيشها الإرهابي مؤمنين أن أرض فلسطين أرض اسرائيل التاريخية التوراتية ويؤيدهم في ذلك جزء كبير من المجتمعات المسيحية والدول الاستعمارية الغربية ، وفي مواجهة غالبية دول العالم حتى في مواجهة إرادة كثيرين من الشعب الفلسطيني بوقف الحرب وإنهاء وجود حماس خصوصا في قطاع غزة؟

للأسف لم تقرأ حركة حماس والمهللون لها جيدا تاريخ حركات التحرر الوطني ولا حتى تجربة الثورة الفلسطينية ولا التغيرات التي طرأت على النظام الدولي والشرعية الدولية، كما لم يفهموا حقيقة الكيان الصهيوني من حيث علاقاته الدولية أو بنيته الداخلية والفرق ببن استعمار فلسطين وأشكال الاستعمار التقليدية السابقة.

وأخيرا نعيد ما سبق أن كتبنا عنه مطولا، بأن الأمر لا يتعلق في حقيقة أن إسرائيل كيان ارهابي واستعمار استيطاني يجب مقاومته بكل أشكال المقاومة ولكن في إطار استراتيجية وطنية مشتركة وأن أرقي أشكال المقاومة الآن هو تعزيز صمود الشعب ومواجهة خطر التهجير من أرضه سواء في قطاع غزة أو الضفة الفلسطينية وتجنب كل ما يساعد العدو على تنفيذه، وهو الخطر الذي لم يكن يواجه الشعوب الأخرى وحركات التحرر فيها.

Ibrahemibrach1@gmail.com

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق