حدود استحضار الرب في الأمور الدنيوية

30 مايو 2025آخر تحديث :
حدود استحضار الرب في الأمور الدنيوية

في عام ١٩٩٤ كتبنا بحثاً موسعاًتحت عنوان :(ملاحظات منهاجية حول حدود استحضار المقدس في الأمور الدنيوية) منشور في (مجلة  المستقبل العربي ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت) وفي مجلات أخرى،  وإذ استحضر تلك الدراسة التي مر عليها أكثر من ثلاثين عاماً أجد أن الشعوب العربية والإسلامية تعيش اليوم حالة زاد فيها حضور الرب والمقدس على حساب العقل والعلم والمصالح الوطني الواقعية المشتركة ولكن ما يستحضرونه رب ومقدس تصنعه جماعات سياسية لا علاقة له برب العالمين ولا بالمقدس السماوي رب يصنعونه كما كان الكفار يصنعون أربابهم، ولكن اليوم ليس إلهاً طوطميا بل وساوس وخزعبلات وتجديفات وهرطقات  يسمونها عقيدة. 

اليوم يقتلون ويُقتَلون بإسم الرب، ويسرقون بإسم الرب، ويدجلون ويكذبون بإسم الرب، ويضطهدون الناس بإسم الرب، ويمارسون كل أشكال الرذيلة باسم الرب، يحللون ويحرمون باسم الرب، وينوبون عن الرب في تحديد من يدخل الجنة ومن يدخل النار وكأن رب العالمين فوضهم نيابة عنه في الحساب والعقاب، ويطلقون اسم  (الشهيد) على من يموت منهم أو بسببهم ،بينما رب العالمين وحده من يحدد يوم القيامة من هو شهيد أو غير شهيد ،ويطلقون هذه الصفة على من يموت في حروبهم ليخففوا عن ذويهم وطأة الموت وألم فقدان عزيز ولا يكتفون بمن مات بل يطلبون مزيداً من الدماء حتى دماء الأطفال حتى يرضى ربهم، وكأن الرب سفاك دماء بينما يريدون مزيداً من الدم للحفاظ على سلطتهم ومصالحهم . 

هذا ينطبق على جماعات الإسلام السياسي عامة وهؤلاء أكثر الناس جهلاً وفساداً وبُعداً عن الصراط المستقيم، أيضاً على أنظمة سياسية تقول عن نفسها إنها إسلامية. 

سبق وأن قلنا مراراً إن رب العالمين محايد في الأمور الدنيوية، ولكنهم أقحموه في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا حتى أصبح كأن كل مصائب الشعوب وتخلفها قضاءُ وقدراً وبإرادته، وكأن رب العالمين يريد أن تكون خير أمة أخرجت للناس أدنى شعوب الأرض.

الاخبار العاجلة
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لمنحك أفضل تجربة ممكنة.
موافق