صحيح، إن الكذب والخداع جزء من استراتيجية الدعاية والحرب النفسية وهي إحدى الأسلحة المهمة التي يتم توظيفها في الحرب وحتى في السلم لا تحلو سياسة من التضليل والتآمر، ولكن حجم الكذب والتضليل في الحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني فاقت بكثير أكاذيب كل الحروب السابقة في العالم حتى أكاذيب غوبلز والنازية أثناء الحرب العالمية الثانية.
هناك بعض الأسباب تميز الكذب والخداع في هذه الحرب وتزيد من قدرتها على التأثير واخفاء الحقيقة:
- إن من يقوم بها اليهود المعروفون عبر التاريخ بكذبهم وخداعهم حتى مع الأنبياء والرسل.، وبما يملكون من قوة السيطرة المالية والإعلامية وفي الفضاء السيبراني في الغرب وحتى على مستوى العالم.
- ما يساعد العدو على ترويح أكاذيبه وروايته في العالم العربي تحديداً ليس قنواته الفضائية الناطقة بالعربية فهذه محدودة العدد وقليلة المشاهدين، بل فضائيات عربية تفتح المجال للإسرائيليين لترويج روايتهم وأكاذيبهم وتبث مباشرة ومترجمة الى اللغة العربية كل تصريحات وخطابات وبيانات وتهديدات قياداتهم العسكرية والسياسية.
- انتشار ثقافة تخلف وجهل وسيطرة العواطف عند فئات واسعة من الجمهور العربي والمشبع بثقافة دينية مشوهة، تهتم بالشكليات والشو الإعلامي وتتجنب التوقف والغوص في أعماق المشاكل وأبعادها الاستراتيجية.
- العقل السياسي العربي وخصوصاً الشعبي يتعامل مع نتنياهو وعلاقته بالسلطة والدولة في اسرائيل كما يتعامل مع أي زعيم عربي وعلاقته بشعبه والسلطة بمعنى أن كل شيء بيد الزعيم ويرتبط بمصلحته الشخصية.
ومع إننا كتبنا منذ بداية الحرب عن الأهداف الحقيقية للحرب والكذب الذي تروجه إسرائيل وحتى حركة حماس عن سبب الحرب ومجرياتها وأهدافهاـ إلا أننا نعيد الكتابة لأن الكذب والتضليل متواصلان بعد حوالي 23 شهراً من الحرب والموت والدمار وانكشاف كثير من الحقائق، والخطير في الأمر أن التضليل تشارك فيه بالإضافة إلى إسرائيل حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين ودول عربية من خلال فضائياتها وجيش مرتزقتها من المحللين السياسيين والعسكريين.
من بعض أضاليل هذه الحرب:
- إنها حرب على قطاع غزة وحركة حماس وليس ضد الشعب الفلسطيني
- إن هدف الحرب القضاء على حركة حماس وتحرير المخطوفين الاسرائيليين.
- إن كل سكان القطاع مؤيدون لحماس حتى يبرر العدو قتل المدنيين
- إن جيش الاحتلال أكثر جيوش العالم أخلاقية وأنه لا يمارس حرب إبادة وتطهير عرقي بل يمارس حق الدفاع عن النفس!
- إن إسرائيل تريد وقف الحرب وحركة حماس تعرقل ذلك!
- إن هناك مفاوضات صعبة وشاقة بين حماس وإسرائيل ووسطاء جادون في التوصل لوقف الحرب!
- لا توجد مجاعة في غزة وحركة حماس تسرق المساعدات!
- إن الحرب ستتوقف في حالة نزع سلاح حماس واستعادة المخطوفين!
- والكذب المشترك بين إسرائيل وحركة حماس حول عدد ضحايا الحرب من الفلسطينيين وكلا الطرفين يقلل من الضحايا الحقيقيين لأهداف خاصة بكل منهم.
- والكذبة الكبرى التي تروج لها الفضائيات العربية تحديداً أكثر حتى من الإسرائيليين، إن نتنياهو قام بالحرب لأسباب شخصية حتى يهرب من المحكمة والاتهامات الموجهة له بالفساد وحتى يحافظ على تماسك حكومته.
هدف الأنظمة العربية التي تروج لهذه الكذبة من خلال إعلامها هو القول بعدم وجود مشكلة مع دولة إسرائيل ولا مع واشنطن شريكتها في الحرب والمشكلة فقط في شخص نتنياهو الذي يتحمل مسؤولية شن الحرب وتداعياتها، وبالتالي لا داع لاتخاذ أي إجراءات أو مواقف سلبية ضد دولة إسرائيل وواشنطن وخصوصا من طرف الدول المطبعة مع إسرائيل ،والدولتان حسب منطقهم هذا مثل الفلسطينيين وشعوب ودول المنطقة يريدون السلام ولكنهما ضحية تهور وجنون نتنياهو، الذي بغيابه ستتوقف الحرب مباشرة وتهود الأمور إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر 2023 ويعم السلام المنطقة، بل يصل الأمر بالبعض للدفاع عن واشنطن والرئيس ترامب من خلال ترويج وجود خلافات مع نتنياهو وأن ترامب رجل سلام يحاول ويضغط لوقف الحرب ولكن نتنياهو هو العقبة.!
وأخيرا ودون تجاهل دور الأطراف الأحرى في الحرب وما قبلها، إلا أن فمشكلتنا ليست مع شخص نتنياهو بل مع دولة إسرائيل وواشنطن شريكتها في الحرب، وفي العقيدة التوراتية التي تقود نتنياهو واليمين الحاكم وهي عقيدة يؤمن بها غالبية اليهود في إسرائيل وخارجها وكثير من الصهيونية غير اليهودية، التي كانت مقتصرة على بعض الطوائف المسيحية واليوم توجد صهيونية عربية وصهيونية إسلامية وكل الذين ينتمون لنحالف (السلام الابراهيمي).