Monday 16-07 -2007
هل يُعالج الانفلات بالانفلات؟
عندما تم إحراق الجامعة الإسلامية ومؤسسات جامعية أخرى في بداية المواجهات الدموية بين حركتي حماس وفتح استنكرنا بشدة هذا الاعتداء واعتبرنا أن مس المؤسسات الجامعية مؤشر خطير على تردي الأوضاع ،وسابقة لم يجرؤ العدو على القيام بها نظرا لما للجامعات من حرمة تصل لدرجة القدسية ،ومن منطلق مسؤوليتنا الأكاديمية وتأكيدا منا لرفض إقحام الجامعات في المواجهات السياسية والعسكرية قمنا بزيارة الجامعة الإسلامية وقابلنا رئيسها الدكتور كمالين شعت وعبرنا له عن أسفنا الشديد لما تعرضت له الجامعة ،وكتبنا مقالا نشر في حينها في جريدة القدس العربي وجرائد ومواقع الكترونية أخرى وكان عنوان المقال (نخبة تغتال عقل الأمة فكيف ستبني دولة الأمة) من منطلق أن الجامعات هي عقل الأمة ومرتكز نهضتها وتقدمها،وبالرغم من التبريرات التي أعطيت آنذاك من المتهَمين بحرق الجامعة بأنها كانت وكرا عسكريا لحماس ومخزنا ومصنعا للأسلحة ،إلا أننا رفضنا هذه التبريرات وكنا متعاطفين تمام التعاطف مع الجامعة الإسلامية ليس لأنها جامعة حماس بل لأنها مؤسسة أكاديمية .
بعد ذلك جرت مياه كثيرا وتعاظم الانفلات والاقتتال وسقطت كل الخطوط الحمراء ثم كان الانقلاب الذي قامت به حركة حماس يوم العاشر من يونيو الماضي ،ومن المعلوم ان حماس رفضت نعت ما قامت به بالانقلاب بل اعتبرته عملية أمنية للقضاء على الانفلات الأمني وعلى عصابات متآمرة على المصلحة الوطنية الخ ،إلا أن أحداثا متتالية أثارت قلقنا بان ما يجري يخرج أحيانا عن منطق وضرورات الإصلاح ومحاربة الفلتان بل فيها رغبة بالانتقام من مرحلة سابقة ،وكان اخطر الأحداث في نظرنا هو قيام القوة التنفيذية لحركة حماس في فجر يوم السابع من الشهر الجاري باقتحام مخزن تابع للكليات العلمية بجامعة الأزهر والاستيلاء بالقوة على مواد يستعملها الطلبة في المختبرات العلمية أي أنها من ضرورات البحث العلمي .
إن خطورة ما جرى لا يكمن بفقدان هذه المادة بل في عملية الاقتحام بحد ذاتها ،فكيف يمكن ان نصدق بعد اليوم بأن حركة حماس وفوتها التنفيذية حريصة على الأمن وعلى مصلحة المواطنين فيما هي تدنس حرما جامعيا؟والخطورة أيضا أن ما أقدمت عليه القوة التنفيذية سيشجع طلبة وموظفين على التطاول على الجامعة بذريعة أن الجامعة تابعة لسلطة الرئيس ولحركة فتح وبالتالي يجوز استباحتها .مع العلم ان جامعة الأزهر مفتوحة لكل أبناء الشعب بغض النظر عن أصولهم او انتماءاتهم السياسية ،وربما لهذا السبب تعتبر جامعة الأزهر من أكثر الجامعات من حيث المشاكل والاضطرابات ،فلو كانت جامعة لحركة فتح وحدها لكنت عملية الضبط فيها متاحة أكثر كما هو الأمر بالنسبة لكل الجامعات الحزبية .انفتاح جامعة الأزهر لكل التيارات والقوى السياسية واخذ الانتخابات فيها سواء بالنسبة لهيئة العاملين أو اتحاد الطلبة طابعا صراعيا يخرج عن الأصول الأكاديمية أحيانا ،إنما مرجعه انفتاح الجامعة وحرية الرأي والتعبير فيها .
وعليه فإننا نتوجه لمعالي الأستاذ إسماعيل هنية ولكل قيادات حركة حماس، الإيعاز للأجهزة الأمنية التابعة للحركة باحترام المؤسسات الجامعية وإبعادها عن الصراعات السياسية والمسلحة وإعادة المواد المنهوبة ،بل نأمل وبحكم سيطرة حركة حماس على قطاع غزة وبالتالي المسؤولية الملقاة على عاتقها بحكم ذلك ، القيام بكل ما من شانه السير العادي للحياة وخصوصا للمؤسسات التعليمية والاجتماعية بعيدا عن روح الانتقام أو التشفي